أبنائي الأعزاء . .

أبنائي الأعزاء . .

اقتربت أيام هذا العام من نهايتها, ولعل كل واحد منا يسأل نفسه مـاذا فعلت خــلال هذه الـ 365 يوما الماضية? كم صديقا صادقت, وكم عدوا صنعت, كم كتابا قرأت, وكم عملا أنجزت, كيف دخلت هذا العام, وعلى أي صورة خرجت منه? هكذا يجب أن تحسب السنة. لا يكفي أنك عشت وأن الليل والنهار قد تعاقبا عليك, ولكن عمر الزمن الحقيقي هو حجم العمل الذي قمت به, والزمن أثمن من أن نتركه يمضي ونحن نتفرج عليه, هناك مثل صيني يقول: إن العام الذي يمر دون أن يدفع الابتسامات إلى شفتيك, والدموع إلى عينيك, لا يُحسب في عداد الأعوام, هكذا, كان هؤلاء الحكماء من الشرق البعيد يقيسون الحياة, لحظات من السعادة, وأخرى من الحزن, لأن الحياة الحقيقية هي مزيج من الاثنين, فظلمة الليل تعلمنا مدى تألق نور الصباح, والحزن يجعلنا نشعر بمدى جمال لحظات الفرح, وكان العرب القدماء يقولون إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك, وهو تحذير حازم من تأجيل كل شيء وترك عمله حتى اللحظة الأخيرة, فالوقت المتأخر لا يكون أبدا كافيا, إن عليك أن تبدأ بعمل كل شيء مبكرا حتى تكون أمامك الفرصة لمراجعة الأخطاء وسد أي نوع من الثغرات, وفي المذاكرة على سبيل المثال فإن أصعب الدروس لا تكون كذلك إلا عند المذاكرة للمرة الأولى, ولكن ما إن تبدأ في استعادتها للمرة الثانية حتى تجد أن كل ما فيها من عقد وغموض قد انتهى, فعملية الفهم والاستيعاب, مثلها مثل أي نشاط ذهني آخر, في حاجة إلى الوقت, ونحن الآن نقف في نقطة مفصلية من العام الدراسي, الأشهر التي مرت, تساوي تقريبا الأشهر التي مازالت باقية, وإذا لم نضع منذ الآن خطة محددة كحد السيف سوف ينقلب هذا الزمن علينا, فلا أحد ينتظر لحظات السعادة, ولكن بالعمل والجهد تستطيع أن تصنع هذه اللحظات.

 


 

سليمان العسكري





صورة الغلاف