بيتنا الأرض

بيتنا الأرض

السانجوما...
طبيب وأساتذته حيوانات!

اسمى (بيلاتي)...

وعملي هو (سانجوما).. أي طبيب القبيلة الساحر. وسأقول لكم سرّا هو أنني لا أمارس أي سحر, بل أمارس العلاج بالنباتات والمواد الطبيعية التي توجد هنا في غابات وبراري بلادي الإفريقية. وطني هو زيمبابوي في الجنوب الإفريقي. وكل الأطباء السحرة لقبائل هذه البلاد يسمّون (سانجوما). لكن - كما قلت لكم - لا يوجد في الأمر أي سحر. إنني أصف للمرضى أدوية من نباتات ومواد طبيعية وأردد أثناء إعطاء المرضى الدواء أدعيه بالشفاء. يظن كثيرون أنها تعاويذ سحرية وما هي إلا دعوات تقوي رغبة المرضى في الشفاء وثقتهم في علاجي.

لقد تلقيت دعوات كثيرة من جامعات ومراكز أبحاث في أوربا وأمريكا لأنقل لهم بعض أسرار العلاج التي أعرفها. وهي أسرار تلقيتها عن آبائي وأجدادي. أما مصدر هذه الأسرار التي حملها آبائي وأجدادي فهو الحيوانات. هم تعلموا الأسرار العلاجية في النباتات والمواد الطبيعية من الحيوانات. وأنا أيضا أتعقّب الحيوانات المريضة لأرى كيف تعالج نفسها وأنقل هذه الخبرة للبشر لهذا أعتبر أن أساتذتي في الطب وأساتذة آبائي وأجدادي هم الحيوانات. فالحيوانات البرية عندما تمرض لا تذهب إلى طبيب أو مستشفى. بل تبحث عن الدواء في البيئة الطبيعية التي تحيط بها. وغريزتها القوية تهديها إلى الدواء المناسب لكل مرض يصيبها, بل لدى الحيوانات طرق طبيعية للوقاية من الأمراض أيضا.

وتعالوا معي لأريكم كيف أتعلم الطب من الحيوانات...

انظروا إلى غوريللا الجبال هذه, إنها تمشي لأن لديها آلاماً في أمعائها.... وهاهي تصعد تلة وتحفر في ترابها وتأكل منه قليلاً. لقد ثبت أن تراب هذه التلة يحتوي على الكثير من مادة الكاولين التي يستخدمها البشر في الأدوية المهدئة لاضطرابات الأمعاء.

والآن تتبعوا معي هذه الطيور التي تحط على أحد أعشاش النمل. إنها تترك النمل يدخل بين ريشها ليفرز حامضا يقتل قمل الطيور والميكروبات التي تصيب الجلد. هذا الحامض مشهور باسم الفورميك أو حمض النمل وتنتجه شركات الأدوية والكيماويات بكثرة. هكذا ترون أن الحيوانات تعرف الطب الوقائي أيضا.

أخيرا تعالوا لأريكم مشهدا مثيرا, هذا الشمبانزي الذي يتحرك بضيق لديه انتفاخ في الأمعاء, إنه يذهب بعيدا في الغابة ويتوقف أمام شجيرة تسمى (أسبيليا). أوراقها جافة ومسننة, يقطف من الأوراق ويطويها عدة طيات ثم يضعها في فمه. لا يبتلعها على الفور بل يمضغها ببطء بينما تظهر عليه علامات من يبتلع دواء مرّاً. والاسبيليا دواء يستعمله البشر بالفعل ويباع عند العطارين. وقد ثبت أن الأسبيليا بها مواد كيماوية طبيعية مضادة للميكروبات والطفيليات التي تصيب القناة الهضمية.

هكذا ترون أن غريزة الحيوان سبقت بعض علوم البشر في الحصول على الدواء من الطبيعة. ومن الحيوان تعلم أجدادي وآبائي وأتعلم أنا.

إنني (سانجوما). طبيب القبيلة الإفريقية الساحر ولا أمارس أي سحر.

 


 

محمد المخزنجي