كعك العيد

كعك العيد

صديقي... صديقتي... أحباب مجلتنا العربي الصغير بالرغم من أنني قد تجاوزت الستين من عمري إلا أنني أحمل في داخلي طفلا صغيرا قد تجدون بين الحين والآخر أحد رسوماتي لقصة في العربي الصغير, وبالرغم من استغراقي الشديد في العمل الفني في التصوير الزيتي وفن الباتيك إلا أنني أحرص على أن أقتطع من وقتي لأقدم لكم أحبائي في العربي الصغير بعضا من رسوماتي.

ولأنني ولدت في حي الأزهر الشريف أحد أحياء القاهرة العريقة فقد عشت العادات والتقاليد الشعبية وشاهدت حلقات الذكر من الموالد ومواكب الصوفيين وسمعت لعازف الربابة في مقاهي الحي الشعبي وهو يحكي لنا سيرة بني هلال, وفي صندوق الدنيا كنا نتابع مشاهد البطولة لعنترة بن شداد, وفي شهر رمضان يمتلئ الحي بالأطفال وهم يحملون الفوانيس في فرح وسعادة بحلول الشهر الكريم, وفي الأيام الأخيرة منه كنا نسهر مع الأسرة في إعداد كعك العيد, ونحمل الصاجات إلى الفرن, ولعل هذا هو سر ارتباط أعمالي الفنية بالبيئة الشعبية التي تظهر في أعمال فنية من لوحات (السبوع), (كعك العيد), (صندوق الدنيا), (المرجيحة), (السوق), (فانوس رمضان), (مقهى شعبي), (عربة الكشري). وأعتقد أنني نتاج للبيئة الشعبية التي يكون فيها الأطفال أكثر تحررا وتربطهم الألعاب الجماعية, كما كانت تشدني رسوم الفنان الشعبي على جدران المنازل الشعبية البسيطة في مواسم الحج والعودة من الكعبة المشرفة والزخارف التي يزين بها الباعة عربات الكشري.

وفي ليالي شهر رمضان كنا نسهر حتى السحور أمام الأفران الشعبية في حي الحسين ننتظر أن نحمل كعك العيد بعد أن يتم نضجه إلى المنزل وتحمل لوحة (كعك العيد) التي أقدمها لكم اليوم أجواء الحي الشعبي في هذه الفترة.

- في عام 1969 بعد أن حصلت على منحة التفرغ من وزارة الثقافة عن موضوع (العادات والتقاليد الشعبية) قمت بالتجوال في ربوع مصر زرت مرسى مطروح والصحراء الغربية, الواحات, الإسكندرية, سوهاج, أخميم, زرت الأديرة في الصحراء, ذهبت إلى نجع حمادي, الأقصر وأسوان والنوبة, أدركت أن مصر ليست فقط وكالة الغوري - حيث يوجد مرسمي - وحي الأزهر, وفي بداية السبعينيات قدمت مجموعة كبيرة من الأعمال حول (النوبة), الطبيعة في جنوب الوادي من الأقصر وأسوان النيل والجبال والنخيل.

صديقي حاول أن ترسم اللوحة مرة أخرى في كراسة الرسم... أيضا حاول أن ترسم من حولك من أفراد الأسرة والبيئة المحيطة بك.

 

 


 

علي دسوقي