الفاخوري.. فنان الطين

الفاخوري.. فنان الطين

منذ طفولته كان إبراهيم يذهب مع والده إلى الفاخورة (حيث يُصنع الفخار) وهناك تعلم إبراهيم صناعة الفخار وصار عندما كبر فاخوريا كوالده وكجده وجدّ جدّه.

صناعة الفخار ليست مجرد مهنة أو حرفة بل هي فن كالنحت والرسم. والفاخوري فنان حقيقي يحول الطين إلى زهرية أو إبريق أو جرّة أو فانوس... وصولا إلى أواني المطبخ التي كان يستعملها أجدادنا قبل اختراع الأواني الزجاجية والبلاستيكية.

واليوم من النادر أن نجد من يستخدم إبريق فخار أو يقلي البيض بتقلاية فخار أو يسلق الحبوب من فول وحمص وغيرهما بقدر فخار أو يخزّن الزيت في جرّة فخار. ولكن لاشك في أن هناك قلة من الناس القرويين مازالوا يستعملون الفخار وهم على حق لأن هذه الأواني تحافظ على الفوائد الموجودة في الأطعمة فوضع الزيت في خابية فخارية يضمن بقاءه طازجا ونظيفا, كما أن الفخار يمتص الرواسب الموجودة في مياه الشرب لذلك فإن الشرب بإبريق الفخار صحي جدا.

حرفة بسيطة

وجدنا إبراهيم الفاخوري يعمل بنشاط وسعادة وسألناه عن السبب فابتسم وقال: لأنني أحب هذه الحرفة من كل قلبي. لا يحتاج الفاخوري إلى آلات معقدة وكثيرة, هو يستعمل دولاب الفخار وفرنا ضخما فقط. وهناك مراحل يمر بها عمله وهي:

- صنع الطين

- استخدام الدولاب في تحويل الطين إلى أوانٍ فخارية

- وضع الأواني في الفرن حتى تجف.

قال العم إبراهيم مفصلا عملية تصنيع الفخار: (أحتاج أولا إلى نوع خاص من التراب يسمى تراب دلغاني, أخلطه بالماء وأصفيه من الحجارة الموجودة فيه وأتركه لمدة شهر حتى يجف وهذه العملية تتم في فصل الصيف. عندما يصبح الطين كالمعجون الذي يلعب به الصغار انقله إلى غرفة خاصة وابدأ باستعماله. آخذ كمية من الطين وأدعكها بيدي حتى تلين ثم أضعها على الدولاب وهو الآلة التي أصنع عليها آنية الفخار. استعمل رجليّ ويديّ. برجليّ أبرم الدولاب وبيدي أصنع الزهرية أو الابريق.. وسأصنع لكم الآن زهرية أرجو أن تعجبكم).

خلال دقائق معدودة صنع إبراهيم زهرية جميلة لم نفهم كيف صنعها وبأي مهارة ولكننا فهمنا أن لديه موهبة من الله سبحانه.

تحف وأباريق

تابع العم إبراهيم: (الآن سنترك الزهرية لمدة عشرين يوما وبعد هذه الفترة أنقلها إلى الفرن وبما أنكم لا تستطيعون الانتظار فسآخذكم إلى الفرن لتروا أين نضع أواني الفخار حتى تجفّ تماما وتصبح صلبة وجاهزة للاستعمال).

شرح لنا العم إبراهيم كل شيء عن هذا الفرن فهو ضخم جدا ويعمل على الحطب والمازوت وتصبح حرارته 1200 درجة مئوية ويبقى مشتعلا لمدة 36 ساعة وبعدها تطفأ النار ويفتح الفرن الذي يشبه الهرم. بعد أن تبرد الأواني الفخارية يخرجها من الفرن ويعرضها للبيع.

أهدانا إبراهيم الفاخوري مجموعة من الأواني الفخارية ودعانا لنجربها ونعرف الفرق بينها وبين الأواني المعدنية التي نستعملها اليوم. ونحن نغادر الفاخورة لاحظنا جمال حديقة العم إبراهيم, فقد زرع الورود والشتول في جرار فخارية وزين المكان بتحف وأباريق جميلة. ولم نملك إلا أن نقول إلا: ما أجمل تراثنا! وما أروع من يحافظ عليه!

 


 

بسمة الخطيب