تحت المطر

تحت المطر

وقف محمد يسمع صوت المطر من خلف زجاج النافذة, يحب محمد كثيرا أن يرى المطر ويسمع صوت سقوطه.

لم ينقطع المطر منذ عودته من المدرسة منذ ساعتين, عاد محمد إلى الغرفة التي يجلس فيها أبوه وأمه وبقية أخوته حول المدفأة المشتعلة يستمتعون بالدفء.

جلس محمد بين أخوته, شعر بالدفء, ابتسم الأب بعد فترة وقال لأولاده:

- استرحتم واستمتعتم بالدفء, حان الآن وقت المذاكرة, اقتربت امتحانات نصف العام قوموا الآن ليذاكر كل منكم دروسه.

نهض الأولاد وبينهم محمد وأبوهم وأمهم يبتسمان لهم مشجعين, جهز محمد الكتب التي سيذاكر فيها وأخرج قلمه الجديد من حقيبته, تأمل محمد القلم الجديد الجميل الذي اشتراه في طريق عودته للمنزل من المدرسة, مد محمد يده في جيبه فأخرج نقودا, تذكر على الفور أنها ثمن القلم, نسي أن يدفعها للبائع الصغير الذي كان مشغولا بالبيع لعدد كبير من التلاميذ.

اشتد هطول المطر في الخارج وعلا صوت ارتطامه بزجاج النافذة. وقف يتأمل المطر ويفكر كيف سيخرج لدفع ثمن القلم والمطر غزير في الخارج والبرد شديد, المسافة بين منزلهم وبائع الأدوات الكتابية ليست قصيرة, فكر أن يؤجل دفع الثمن إلى الغد.

فتح الكتاب ليذاكر ولكنه أغلقه بسرعة حين خطر بباله أن البائع الصغير في محل بيع الأدوات المدرسية سيدفع ثمن القلم لصاحب المحل الذي سيتهمه بالإهمال وربما يسبب له مشكلة كبيرة.

اشتد المطر ورأى محمد من خلف زجاج النافذة ان الشارع قد خلا تماما من المارة.

عاد محمد إلى الغرفة الدافئة واستأذن من أبيه أن يخرج بعض الوقت, قالت أمه في دهشة:

كيف تخرج في هذا الوقت? المطر ينهمر في الخارج كالسيل, والبرد شديد هذا العام.

قال الأب بهدوء: يبدو أن لديك سببا قوياً للخروج في هذا الوقت?

قال محمد بحماس: نعم يا أبي, اشتريت قلما ونسيت دفع ثمنه للبائع الصغير في محل بيع الأدوات المدرسية.

قالت الأم على الفور: يمكن أن نؤجل ذلك للغد يا محمد بدلا من الخروج في البرد والمطر.

التفت الأب للأم قائلا: أنا سعيد أن يدفع محمد ثمن القلم رغم البرد والمطر.

قالت الأم بقلق: ولكن ابني سوف يصاب بالبرد هكذا, أنت تعرف أن محمد سريع التأثر بالبرد.

قال الأب بحزم: ورغم ذلك فعليه أن يذهب لدفع ثمن القلم.

قال محمد بتصميم: نعم يا أبي, سأذهب لأدفع الثمن قبل أن يغلق المحل أبوابه.

خرج محمد مسرعاً ناسياً شمسيته فسقط عليه المطر الغزير فور خروجه وأحس بالبرد الشديد, حاول أن يحتمي من المطر ولكنه لم يجد ما يحتمي به, مشى مسرعا حتى وصل إلى المحل وقد غمره المطر, عطس محمد عدة مرات ولكنه كان سعيدا لأن المحل لم يغلق أبوابه بعد.

اتجه على الفور إلى البائع الصغير ودفع له ثمن القلم, قال البائع الصغير بدهشه: ما هذا?

قال محمد باسماً: اشتريت منك قلما ونسيت دفع ثمنه.

قال البائع الصغير: ورجعت لتدفع ثمنه رغم البرد والمطر, كنت قد دفعت ثمنه.

قال محمد: خشيت أن يسبب ذلك لك مشكلة.

اقترب صاحب المحل الذي كان يسمع حوارهما باسماً وسلم على محمد بحرارة قائلا: أنا فخور بك يا بني, تعود رغم البرد والمطر.

قال محمد بخجل: لم أفعل إلا ما يجب علي أن أفعله يا سيدي, أستأذنك لأعود لمنزلي.

أشار له صاحب المحل أن ينتظر ثم أدار سيارته وأمره أن يركب إلى جواره ليوصله إلى منزله.

 


 

المرسي محمد البدوي