وليم ترنر

وليم ترنر

وليم ترنر رسام إنجليزي, ولد في لندن في 23 أبريل سنة 1775, كان والده حلاقا وصانع باروكات (شعر مستعار). عندما كان وليم صغيرا جدا ماتت أمه بعد مرض طويل, لكن أباه الذي كان يحبه ويعطف عليه كثيرا اهتم به. حصل الصغير على القليل من التعليم في المدرسة, ثم تولى والده تعليمه الكتابة والقراءة في البيت, وكان ذلك كل التعليم الذي توصّل إليه في حياته وما تبقى كان دراسة الفن فقط. في الثالثة عشرة من عمره بدأ يرسم في البيت ويعرض رسومه في واجهة محل والده ليبيعها, ورغم نجاحه في ذلك فإنه لم يقتنع بما حققه, فقد كان طموحه أكبر, أراد أن يصبح فناناً كبيراً, ومن أجل الوصول إلى ذلك كان عليه الحصول على المزيد من المعرفة والعلم. لذا تابع دراسة الفن عند الفنان الشهير آنذاك (توماس مالتون) وكانت فرحته كبيرة جدا عندما قُبل في مدرسة الأكاديمية الملكية, وفي الخامسة عشرة من عمره حصل على تكريم نادر عندما عرضت إحدى لوحاته في الأكاديمية الملكية, وفي الثامنة عشرة أصبح لديه ما يكفي من المال ليفتتح مرسمه الخاص, وكان ذلك بمنزلة تحقيق حلمه الكبير بالاستقلال, قبل بلوغه العشرين. حتى إن بائعي نسخ الرسوم المحفورة على صفائح معدنية يهتمون بشراء رسوماته المحفورة. أما الشهرة فقد حصل عليها سريعا عندما انتخب مساعدا للأكاديمية الملكية, ولم يلبث أن أصبح عضوا كاملا, ثم عيّن أستاذا في الأكاديمية.

قام ترنر بعدة أسفار إلى أوربا وكانت مدينة البندقية في إيطاليا ملهمة للكثير من أعماله المميزة. ذهب أيضا إلى اسكوتلندا حيث رسم العديد من اللوحات في منطقة البحيرات الجميلة. بعد ذلك كلف برسم لوحة لقصر (سانت جايمس) تمثل معركة (ترافلغار) الشهيرة.

عندما شبّ الحريق في مباني البرلمان الإنجليزي استقل ترنر مركباً وأبحر في نهر التايمز, أوقفه قبالة البرلمان وصار يرسم المباني الكبيرة المشتعلة بألسنة النيران وخلد تلك الحادثة التاريخية في أكثر من لوحة رائعة, فقد أراد رسم مشاعره تجاه تلك المأساة ليشعر المشاهد بهول تلك الكارثة.

باستثناء والده الذي عاش معه ثلاثين سنة, لم يكن له أصدقاء مقرّبون, ولم يكن يسمح لأحد بمراقبته وهو يرسم, وعندما توفي والده افتقده كثيرا لأنه خسر فيه الأب العطوف والصديق الوحيد أيضا. أصيب بحزن عميق, ابتعد عن الناس وتخلى عن حضور اجتماعات الأكاديمية. عاش في عزلة ولم يعد يراه أحد من معارفه لمدة أشهر متتالية, لكنه كان يسافر وحده أيضا في أوقات متباعدة. تابع عرض لوحاته, لكنه في معظم الأحيان كان يرفض بيعها وعندما يقتنع ببيع إحداها كان يصاب بالحزن عدة أيام. في سنة 1850 عرض أعماله للمرة الأخيرة وكان في الخامسة والسبعين من العمر.

في أحد الأيام اختفى ترنر من بيته, فقامت مدبّرة بيته بالبحث عنه لمدة أشهر, وأخيرا وجدته مختبئا في بيت في منطقة تشلزي تحت اسم مستعار هو (أدميرال بوث) وكان مريضا منذ فترة طويلة. في اليوم التالي الموافق 19 ديسمبر سنة 1851 مات ترنر تاركاً ثروة كبيرة, على أمل أن تنفق على مساعدة (الفنانين المهترئين) كما وصفهم, تلك الثروة التي حرص على إنفاق القليل منها وبصعوبة كبيرة أثناء حياته. قدّم إلى بلاده مجموعة أعماله غير المبيعة والتي بلغت تسعة عشر ألف عمل بين رسوم ولوحات. ونزولا عند طلبه دفن في كاتدرائية القديس بولس في لندن.

برحيل ترنر غاب واحد من أبرع رسامي المناظر الطبيعية الزيتية والمائية, ذلك الفنان قصير القامة المنعزل عن الناس, ذو طريقة التفكير الغريبة, امتاز عن بقية الفنانين بأنه كان ناجحاً خلال كل حياته المهنية التي كرّسها للفن, والتي بدأها باكراً جداً في سن المراهقة, وبقيت أعماله الرائعة تحتل مكانها في عدة متاحف في العالم ويستمتع ملايين الناس برؤيتها.

 


 

نهى طبارة