العالم يتقدم

العالم يتقدم

الألياف البصرية.. والاتصالات المستقبلية

تعتمد الاتصالات الحديثة - مثل المكالمات الهاتفية والبرامج التلفازية - على خيوط رفيعة جدًا سمكها مثل شعر الرأس، ومصنوعة من الزجاج النقي الشفاف أو البلاستيك، وتكون قادرة على نقل المعلومات للمسافات القريبة وكذلك للمسافات البعيدة التي تصل إلى آلاف الكيلومترات عبر القارات، حيث تمتد تحت المحيطات ويطلق على هذه الخيوط «الألياف البصرية».

وتتكون الليفة (مفرد الألياف) البصرية من ثلاثة أجزاء:

1 - القلب الزجاجي حيث ينتقل الضوء.

2 - الغلاف الداخلي للقلب، وهو يعكس الضوء إلى القلب مرة أخرى.

3 - الغلاف الخارجي الواقي لليفة البصرية من الرطوبة والتلف.

وتستغل الاتصالات في الوقت الحاضر، طاقة الموجات الضوئية وأيضًا أشعة الليزر، وهي حزمة ضيقة من الضوء الشديد القوة والنقاء، وذلك لبث معلومات أكثر وبسرعة أكبر من التيار الكهربائي أو الموجات الراديوية.

ولكن كيف تتم الاتصالات بواسطة الألياف البصرية؟

تتكون منظومة الاتصالات من جهاز ليزر للإرسال (يولد الإشارة الضوئية) وألياف بصرية (التي تنقل الضوء) وجهاز استقبال (الذي يستقبل الإشارة الضوئية). وتتم الاتصالات بأن يحول شعاع الليزر الإشارات الكهربائية الخاصة بالمكالمات الهاتفية أو الصور التلفازية إلى نبضات ضوئية وعند نهاية الألياف البصرية يوجد جهاز استقبال يقوم بتحويل أشعة الليزر إلى أصوات وصور مرة أخرى ومن ثم يمكننا سماعها ومشاهدتها حتى ولو كان المصدر يبعد بآلاف الكيلومترات.

وربما تتساءل كيف تنقل الألياف البصرية الضوء؟

افترض أنك أمام ممر مستقيم طويل مظلم، وتريد إضاءته بمصباحك اليدوي، ما عليك إلا أن توجه المصباح بامتداد الممر، ليست هناك إذن أي مشكلة. ولكن ماذا يحدث لو كان الممر منحنيًا؟ يمكنك عندئذ وضع مرآة في المنحنى لعكس الضوء إلى الناحية البعيدة. أما إذا كان الممر متعرجًا ومتعدد الانحناءات، فيمكنك عندئذ تبطين الجدران بالمرايا وتوجيه شعاع المصباح بزاوية معينة، بحيث ينعكس في كل مكان بامتداد الممر. وهذا ما يحدث في الليفة البصرية.

فالضوء في الليفة البصرية ينتقل خلال القلب (أي الممر في مثالنا) وذلك بتكرار انعكاساته من على الغلاف الداخلي (الجدران المبطنة بالمرايا)، وتتميز الألياف البصرية عن الأسلاك النحاسية - التي تستخدم أيضًا في الاتصالات - بأنها منخفضة التكلفة وسمكها أقل ولها قدرة أكبر على نقل المعلومات خاصة الرقمية منها التي تستعمل مع الحواسيب، وكما أنها أكثر مرونة وذات وزن أخف وغير قابلة للاشتعال، ولهذا تم استبدال الأسلاك النحاسية بأخرى من الألياف البصرية في أماكن كثيرة بالعالم.

والألياف البصرية مناسبة جدًا للاستخدامات الطبية التي تتطلب نقل الضوء إلى أماكن داخل جسم الإنسان يكون من الصعب إضاءتها، فمثلاً مثقاب طبيب الأسنان غالبًا ما يحتوي على ألياف بصرية لإنارة ما بداخل فم المريض. كذلك تستخدم الألياف البصرية في بعض الأجهزة الطبية لنقل صور من الأعضاء داخل جسم الإنسان، حتى تتوافر الدقة في تشخيص الأمراض. ويستعمل الأطباء جهازًا يسمى «المنظار» لمشاهدة المناطق الداخلية التي لا يمكن الوصول إليها.

 


 

رؤوف وصفي