لورنز...عاشق الأوز

لورنز...عاشق الأوز

عندما كان الطفل النمساوي كونراد لورنز في الخامسة من عمره حلم بأنه صار طائراً, وأفرحه هذا الحلم جدا لأنه أشعره بلذة الطيران في السماء الواسعة, بعدها بدأ اهتمامه بعالم الطيور, وعالم الحيوانات عامة, سواء في الطبيعة أو على صفحات الكتب. وجعله كتاب (الرحلة المدهشة للصغير هو لجيرسون عبر السويد) يتعلق بعالم الأوز, لأن الكتاب كان يحكي عن طفل صغير رأى أشياء عجيبة في رحلة طويلة على ظهر أوزة برية.

اهتم لورنز بالأبحاث العلمية, وأسس علما جديدا هو (الايثولوجي) الذي يدرس سلوك الحيوانات. وكانت أبحاثه نتيجة معايشة حقيقية لعالم الحيوانات التي اقتنى العديد منها خاصة الأوز, ومن بين الأوزات التي اقتناها في حديقة بيته أوزة أحبها حبا شديدا وأحبته أيضا, وأسماها (مارتينا).

كانت الأوزة مارتينا لا يحلو لها النوم إلا في غرفة لورنز نفسه. فعندما يقترب الغروب تصعد مارتينا الدرجات المؤدية إلى مدخل البيت, وتقف حتى يفتح الباب, عندئذ تعبر الصالة وتصعد درجات السلم الداخلي إلى الطابق الأعلى, ومباشرة تدخل غرفة نوم لورنز وترقد إلى جوار سريره وتنام, وعند الفجر تستيقظ وتطير عبر النافذة وهي تصيح (كواك. كواك. كواك) كأنها تقول للورنز: (حان موعد الاستيقاظ), وبالفعل كان لورنز يستيقظ مبتسما ويلوح في سرور لأوزته (مارتينا).

لقد أثمر حب لورنز للأوز ثماراً علمية مهمة, من بينها اكتشاف قانون (بصمة) السلوك الأول, فأفراخ الأوز عقب خروجها من البيضات تظل تتبع أول شيء يتحرك أمامها, معتبرة أنه (أمها) حتى لو كان إنسانا! وكان هذا القانون ينطبق على سلوك العديد من الطيور الأخرى غير الأوز.

بعد عشرات الأعوام نال الدكتور كونراد لورنز جائزة نوبل - عام 1973 - تقديرا لاكتشافاته العلمية في مجال سلوك الحيوان. ولعله وهو يتسلم الجائزة تذكر كتاب (الرحلة المدهشة للصغير هولجيرسون), فقد حوّل هذه الرحلة إلى حقيقة بصحبته الطويلة للأوز, والتي اكتشف عبرها العديد من العجائب في سلوك الحيوان..

 


 

محمد المخزنجي