الإسلام حضارة.. هيثم صبري

الإسلام حضارة.. هيثم صبري

البيمارستان.. رائد المستشفيات التخصصية

نحنُ نعرفُ أن عديدًا من العلماء والأطباء العرب والمسلمين القدامى كانوا يحيطون بمعارف كثيرة، ومنهم من كان يكتب في الطب، ويمارس علوما وفنونا أخرى، مثل الموسيقى والرياضيات وحتى كتابة الشعر.

لكن مع هذا التنوع، عرفت الحضارة الإسلامية فضل التخصص في علاج المرضى، ولذلك أنشأوا البيمارستانات، ملحقة بالمساجد، أو خارجها، لعلاج مختلف الأمراض، ووفروا فيها سبل العلاج وأدواته، وأدويته.

في سنة 1174 هجرية وفي عهد الملك المنصور قلاوون، بمصر، يصف المؤرخ المقريزي أحد هذه البيمارستانات، وقد أنشأه علم الدين الشجاعى بأن فيه إيوانات (أماكن متسعة) أربعة بكل إيوان شاذروان (سلسبيل)، ويدور في قاعتها فسقية (نافورة) يصير الماء إليها من الشاذروان. ولم يبق من البيمارستان القديم سوى قسم من الإيوان الشرقي به فسقية رخامية تنساب إليها المياه على سلسبيل صغير. كما يوجد نوافذ تحيطها أفاريز بها كتابات كوفية. كذلك توجد بقايا من الإيوان الغربى وبه سلسبيل حليت حافته برسوم حيوانية تنحدر عليها المياه إلى فسقية فمجراة من الرخام تتلاقى مع المجراة المقابلة لها.

وقد بقى البيمارستان يؤدي وظيفته إلى سنة 1856م، فلم يبق به سوى أصحاب الأمراض العقلية الذين نقلوا منه إلى مستشفى العباسية سنة 1880م. وتحول البيمارستان بعد ذلك لمعالجة جميع الأمراض ثم اقتصر على أمراض العيون، وقد زار السلطان قلاوون البيمارستان بعد الفراغ من إنشائه وتناول قدحا من شرابه وقال: «قد وقفت هذا على مثلي فمن دوني وجعلته وقفا على الملك والمملوك والذكور والإناث والكبير والصغير والحر والعبد والجندي والأمير». ومعنى ذلك أنه كان يعالج في هذا المستشفى كل مواطن دون تفرقة.

بيمارستان آخر نجده في جامع السلطان الملك المؤيد. وقد كان السلطان الملك المؤيد شيخا مغرما بالعمارة، فقد أنشأ مئذنة بالجامع الأزهر وجدد مسجد المقياس بالروضة، وأنشأ كثيرا من المساجد والمكاتب والأسبلة بمصر والشام كما بنى مسجد المؤيد والبيمارستان المؤيدي الذي يقع بالقرب من القلعة بسكة الكومى بالمحجر بقسم الخليفة، وكان البيمارستان تعالج فيه جميع الأمراض البدنية كما كان يدرس فيه الطب. أي أن البيمارستان أيضا كان نواة للمستشفيات الجامعية الملحق بها اليوم كليات الطب في العالم كله.

 


 

هيثم صبري

 




برع العلماء المسلمون في تأليف كتب الطب والجراحة





استخرج العلماء المسلمون من النباتات أدوية شافية