قدوتي العلمية

قدوتي العلمية

بيل جيتس طفل غيّر العالم

- بيل... ماذا تفعل?

أجاب الصغير (بيل جيتس) أمه وهو الذي لم يكن قد تعدى السادسة من العمر:

- أنا أفكر.. هل سبق لك أن فكرت يا أمي...?

واندهشت المرأة, وأخذت ابنها إلى المحلل النفسي الذي قرر أن يعطيه المزيد من الكتب كي يشبع رغبته في التفكير.

إنه (بيل جيتس) أغنى رجل في العالم في عصرنا, المولود في 28 أكتوبر عام 1955.

أطلق عليه زملاؤه في المدرسة: بيل... الذكاء المتحرك.

وكان يبتسم لهم, ويردد: بل الأزرار المتحركة.

عالم من الأزرار

شغف (بيل) منذ طفولته بالأزرار, فكل شيء في عصرنا يتحرك بالأزرار, الأجهزة الكهربائية والإلكترونية, ولكل زرار منها فوائده, ومهامه المحددة, لا يمكن لواحد منها أن ينوب عن زميله أو يؤدي عمله.

قال وهو ينظر إلى ذلك الجهاز الضخم المسمى كمبيوتر:

- كم أحلم أن يصير صغيرا, أنتقل به إلى كل مكان, أتحدث إليه, ويستمع إلي, يصبح صديقي الذي يحفظ أسراري.

قال والده يوما: إنه لا يفكر... بل يريد أن يلعب.

وجاءت الإجابة من الطفل الصغير: ولماذا لا يفكر الأطفال وهم يلعبون?

وكانت هذه هي فلسفته في الحياة: لماذا لا نفكر ونحن نلعب.

ونظر إلى الكمبيور الضخم الحجم باعتباره لعبة كبيرة, معقدة, بدأت علاقته به باعتباره الصديق اللعبة, لذا حرص الأبوان على إلحاقه بمدرسة ذات طبيعة خاصة, يفكر مديرها بشكل عصري, بل يسبق الزمن الذي يعيشه الآخرون.

نادي الأمهات

إنها مدرسة غريبة الاسم, والأنشطة, مدرسة (نادي الأمهات), تقع في مدينة (ليكسايد) ,وما إن دخل الصغير المدرسة حتى سجل اسمه في مسابقة للكمبيوتر.

فرح الأطفال كثيرا, فما أجمل اللعب مع كائن حديدي عملاق يطلقون عليه اسم (الكمبيوتر)!

وكانت المسابقة في لعبة (X و O) أو التيك تاك تو, واستطاع (بيل) أن يملأ ثلاثة مربعات متوالية قبل رفقائه.

وأطلق عليه اسم (بطل التيكاتاكتو).

وفي هذه الظهيرة, التي أعلنت فيها النتيجة, تغير التاريخ الحديث, أحس الناس بأن اللعب مع الآلة أكثر متعة من اللعب فوق الورق.

ردد (بيل) يوما:

- ما أجمل أن يأمر الصغير... فيطاع!

أحس أن العلاقة بينه وبين الكمبيوتر تقوم على الأمر والطاعة, الإنسان يطلب, والكمبيوتر ينفذ بكل التزام.

الصديق الحقيقي

وتحرّكت الحياة بسرعة, فالكمبيوتر يتضاءل في الحجم, لكن كفاءته تزداد. وبرامجه تتعقد ولغاته تتعدد وتنتشر في كل أنحاء العالم.

وأحس (بيل جيتس) بأن بطل العالم القادم هو ذلك الجهاز الساحر أو صندوق الذاكرة كما أطلق عليه ذات يوم ففكر مع زملائه قائلا:

- لماذا لا نطوّر البرامج... نحن الصغار قادرون على هذا....

وكان قرارا جريئا... أن يترك الفصل... وأن يقوم مع اثنين من زملائه بإنشاء شركة لبرامج الكمبيور, تحمل اسم (مايكروسوفت) وردد:

- سوف تصبح برامج الكمبيوتر أعظم معلم في تاريخ البشر.

وأعلن الصغار أهم ثورة في العصر الحديث, ثورة في المعلومات تجعل القوي هو من لديه المعلومات الأكثر وفرة وتأثيرا في كل المجالات العسكرية والاقتصادية والعلمية والسياسية.

أنا ألعب... وأفكر

أحسّ بيل أنه يعرف مالم يعرفه الكبار, ومع ذلك لم يتوقف عن اللعب... وظل يردد: أنا ألعب... إذن أنا أفكر... فحول كل البرامج الجديدة التي يصممها بنفسه إلى ألعاب باهرة.

وانتبه العالم إلى تلك الثورة الجديدة...

وصار على الآخرين أن يمشوا في دروبها.

ولم يكن لـ(بيل) أن يعمل وحده, فقد شاركه في مسيرته أصدقاء مقرّبون, جمع بينهم عشق واحد هو (الكمبيوتر) وبرامجه... ومن هؤلاء الأصدقاء (كينت إيفانس) ابن أحد الوزراء السابقين الذي قال ذات يوم:

- سنغيّر العالم معا...

أما الصديق الثالث (بول آلن) فقد صنع معهما الضلع الأخير في مثلث.

وسعى الثلاثة إلى إنشاء أول شبكة معلومات في العالم, استفادت منها الجامعات والمراكز العلمية في البداية, ثم صارت أضخم من أن يحتويها شخص واحد صارت الشبكة بيتا لكل من يشترك فيها ويلجأ إليها ويأوى إليها وله موقع عليها ويتواصل مع العالم من خلالها.

وذات يوم سألوه في مؤتمر صحفي:

- ما سر نجاحك الحقيقي?

ردد بابتسامته المعهودة وهو يقف إلى جوار زوجته الشابّة:

- كنت ألعب.

سكت قليلا قائلا: لكنني كنت أرى اللعبة عملا جادا للغاية.

ثم استأذن متحدثيه قائلا: ورائي ألعاب جادة يجب أن أقدمها للناس, عن إذنكم فوقت اللعب أغلى من الثرثرة.

 


 

محمود قاسم

 




بيل جيتس