قدوتي العلمية

قدوتي العلمية

ألفريد نوبل

نوبل... جائزة النوم

(كم أحب هذا الرجل)...

(ترى لماذا أحب هذا الرجل... هل لأنه أبي...? أم لأن له كل هذه المكانة...?

أسئلة كثيرة تتكرر في أعماق الطفل الصغير...

إنه طفل يختلف تماما عن كل الأطفال الآخرين...

فزملاؤه يذهبون للتنزه في المراعي الخضراء, والحدائق الواسعة, يطاردون الفراشات, ويداعبون الطيور, أما (ألفريد) فإنه يسرع إلى معمل أبيه العالم الكبير (نوبل).

قال له أحد الزملاء:

- لماذا لا تأتي معنا... نحن نلعب?

وجاءت الإجابة: وأنا أيضا ألعب...

تصور الصغار ان القصر الكبير الذي يسكن فيه (ألفريد) يضم الكثير من الحدائق والأراجيح, لكنه قرر أن يدعوهم يوما لزيارته, بعد أن استأذن أبيه.

وشاهد الجميع المكان المحبب دوما إلى (ألفريد) إنه معمل بالغ الاتساع, يقع مباشرة أسفل القصر الكبير الذي تملكه أسرته.

قال الصغير:

- ما رأيكم, ألا يستحق أن ألعب هنا, مع هذه الأجهزة العلمية التي يملكها أبي?

وجاءت الإجابات مختلفة, لكن هذا لم يغير من أمر (ألفريد) شيئا, فظل يقضي أوقاته في معمل أبيه.

قال الأب, صباح يوم الحادي والعشرين من أكتوبر عام 1843:

- عزيزي ألفريد... اليوم بلغت سن العاشرة, أخبرني عن الهدية المفضلة لك...

ردد ألفريد ببساطة:

- هديتي أن أبقى هنا... إلى جوارك...

ووافق الأب, وهو يقول:

- لا تنس أن حياة العلماء صعبة, مليئة بالمخاطر...

ولم ينس الصغير ما قاله أبوه...

وصار المعمل بيته الدائم, وراح يساعد أباه في اكتشافاته العلمية, كان يستوعب كل شيء بسرعة, فهو دقيق الملاحظة, وتلك سمة مهمة للعلماء, حيث يمكنه رصد التجارب بأسبابها ونتائجها...

نظر ذات يوم إلى المعمل الكبير, وقال لأخته, بنبرة حزن:

- سوف أستكمل مسيرة أبي العلمية... سأخترع مثله الكثير من الاختراعات... كان أبوه قد ترك الكثير من المال, والممتلكات التي يمكنها أن تجعله شديد الثراء طيلة عمره, لكن الشاب (ألفريد نوبل) قال لأخته:

- المال لا فائدة منه إذا لم يخدم الناس...

صارت حياته مزدحمة بالعمل الجاد, والبحث الحقيقي, والاختراعات, وأطلق عليه زملاؤه لقب: صائد الاختراعات, لأنه كان يخترع شيئا جديدا مفيدا كل شهر تقريبا, ووصلت البراءات التي حصل عليها عن اختراعاته إلى 150 اكتشافا علميا.

وصار كل همّه الإلمام الدقيق بكل ما توصل إليه زملاؤه من العلماء...

ولم يكن (ألفريد) يعرف أن المال سيأتي أكثر, بعد أن اخترع الديناميت, لقد اعتقد أن هذه الأصابع البيضاء المتفجرة سوف تفيد الناس كثيرا في البناء, وأنه يمكن تفجير الجبال لعمل أنفاق تفيد الناس...

لكن... جاء الخبر المحزن, فالشعوب استخدمت الديناميت في التدمير والحروب... وتدفقت الأموال أكثر إلى (ألفريد) وكانت كلما تدفقت يزداد إحساسه بالحزن, والندم... وأصابه الجنون, وهو يقول:

- يا إلهي... الديناميت الذي اخترعته يقتل الأبرياء...

وقرر ألفريد نوبل أن يفعل شيئا بكل هذه الأموال الكثيرة التي يمتلكها, فدعا إلى عقد اجتماع ضخم في مدينة ستوكهولم, وقال:

- اليوم... نحن في عام 1896, قررت تخصيص كل أموالي, وأرباحها لتشجيع المبدعين في كل أنحاء العالم الذين يقدمون خدمات للإنسانية.

وهز رأسه في أسى وأكمل:

- لعل هذا يغفر لي ما فعله الناس خطأ بالديناميت...

وبعد عدة أسابيع, وفي العاشر من ديسمبر, مات ألفريد نوبل وسرعان ما تم عقد اجتماع من تلاميذه, ومحبّيه, لتحقيق وصيته.

وفي ذكرى وفاته الرابعة, في ديسمبر عام 1900, منحت جائزة نوبل لأول مرة في الطب, والأدب, والفيزياء, والسلام العالمي, والكيمياء...

وصارت الجائزة هي الأشهر, التي تمنح في العالم حتى اليوم...

وهي الجائزة التي حصل عليها من العرب نجيب محفوظ في الآداب, وأحمد زويل في العلوم.

 


 

محمود قاسم