محظوظ محظوظ.. لكنك أحمق ياموظ.. د. محمد المخزنجي

محظوظ محظوظ.. لكنك أحمق ياموظ.. د. محمد المخزنجي

نعم ياموظ، أنت حيوان محظوظ، فأنت تعيش في المناطق غزيرة المياه وكثيرة البحيرات، في شمال العالم كثيف الغابات، حيث الماء كثير والغذاء وفير . صحيح أن الجو يكون باردًا في الشتاء، لكن الله أعطاك مايحميك من الثلج والبرداء، دهن كثير وشعر غزير، أما في الصيف، ولأنك لاتحتمل حتى الحر الخفيف، فقد أعطاك الله مكيفا لايستهلك كهرباء، ولا ينقط ماء، ولا يُحدِث ضوضاء. ففي مطلع الربيع، ومع قدوم الدفء بعد الصقيع، وقبل أن يهجم حر الصيف، تمتلك أنت التكييف، وهو في الوقت نفسه حربة وسيف، ففي أعلى رأسك ينبت برعمان صغيران، ينموان ويكبران ويتفرعان ويصيران : قرنين كبيرين عجيبين يغطيهما زغب ناعم كالقطيفة، يجعلان هيئتك للدببة والذئاب المفترسة مخيفة، فلا يجرؤ على الاقتراب منك دب، ولا ذئب، وإن اقترب ياويله، سيأخذ نطحة تجعله يفر وبين أرجله يطوي ذيله . وعندما يجيء حر الصيف الشديد، يشتغل مكيفك الجديد، فالقرنان العجيبان وما يغطيهما من زغب، يتخللهما الهواء ويجعلان إحساسك بطراوة النسيم عجب! فماذا فعلت أنت بهذه الهدية الربانية التي لاتوزن بالذهب ؟ بدلا من أن تحافظ عليها وتحمد الله وتشكر، رحت بها تتباهي وفي الدنيا تتمنظر، أما الأخطر والأكثر، فهو استخدامك للقرنين المدهشين، للعراك مع موظ آخر فصرتما بدلا من أحمق واحد أحمقين. كل منكما أراد أن يفوز بقلب موظة من الموظات، وهن حولكما كثيرات، وبدلا من تركها تختار، تصرفتما تصرف دب على حمار، واشتبكتما في نطح أشعل بين قرونكما الشرار. وكانت النتيجة الموجعة، بعد تضارب القرون والجعجعة، اشتباكًا للقرون أنهى الموقعة . وهأنت ياموظ في أبشع ورطة، مرمي على الأرض مربوط قرناك بقرني غريمك أمتن ربطة . ترفصان وتصرخان، ومن في هذا المكان البعيد في شمال العالم ينقذكما يامسكينان ؟ ليس أمامكما إلا احتمال من اثنين: أولهما أن تستمرا في اشتباككما مكبلين، لا تأكلان ولا تشربان وبالجوع والعطش تصبحان جثتين. أما الاحتمال الثاني ففيه يأتي ذئب رمادي جوعان، أو دب حامي المخالب والأسنان، ويجد فيكما وليمة، سهلة وعظيمة، وهم هم هم، يأكل ويشبع، ومما ارتكبتماه في حق انفسكما يضحك، وكأنه بسخرية منكما يقول: هاه هاه هاه .. أحمقان .. أحمقان .. أحمقان.

 

 


 

محمد المخزنجي