قياس محيط الكرة الأرضية.. فريد أبو سعدة
قياس محيط الكرة الأرضية.. فريد أبو سعدة
ومن هذه الأرقام يتبين أن النتيجة التى توصل إليها العرب قريبة من النتائج التي وصل إليها العلماء في هذا العصر. كان الخليفة المأمون (170 ـ 218 هجرية ) مغرمًا بعلوم الأوائل، وقد عرف منها أن طول محيط الكرة الأرضية 24000 ميل، لكنه أراد أن يتحقق من هذه الحقيقة فسأل من كان حوله في المجلس فقالوا: نعم، هذا أكيد . فقال : أريد منكم أن تطبقوا الطريقة التي ذكرها المتقدمون لنرى هل يتحقق ذلك أم لا؟ فخرجوا وأرسل معهم المأمون من يثق بهم . سألوا عن الأراضي المستوية فقيل لهم «صحراء سنجار» و«بادية الكوفة» ، ذهبوا إلى سنجار وتوقفوا في موضع منها وقاسوا ارتفاع القطب الشمالى - أي ما يساوى عرض المكان - ودقوا فى ذلك الموضع وتدًا وربطوا فيه حبلاً، واستمروا يمشون أيامًا، ويربطون حبلاً بحبل حتى وصلوا إلى موضع قاسوا فيه ارتفاع القطب فوجدوه قد زاد على الارتفاع الأول درجة، فقاسوا الأرض فوجدوها ستة وستين ميلا وثلثي ميل، فعلموا أن كل درجة من درجات الفلك يقابلها من سطح الأرض ستة وستون ميلاً وثلثان، ثم عادوا إلى موضع الوتد وأخذوا بطرف الحبل ومشوا باتجاه الجنوب أيامًا حتى آخر الحبل ثم قاسوا ارتفاع القطب فوجدوه قد نقص عن ارتفاعه الأول درجة فصح حسابهم، فلما عادوا إلى المأمون وأخبروه بما صنعوا- وكان متفقًا مع ما رآه في الكتب القديمة- طلب تكرار ذلك فى بادية الكوفة، فذهبوا وعملوا كما عملوا فى سنجار، ولما توافق الحسابان تأكد المأمون من صحة ما كتبه القدماء فى ذلك. قال نللينو فى كتابه «علم الفلك تاريخه عند العرب فى القرون الوسطى»: أي أن طول الدرجة عند فلكي المأمون 111815 مترًا وعلى هذا فطول المحيط 41248 كيلومترًا وهو قريب من الحقيقة. ويضيف نللينو: « قياس العرب هو أول قياس حقيقى أجري كله مباشرة، مع كل ما اقتضته تلك المساحة من المدة الطويلة والصعوبة والمشقة، واشتراك جماعة من الفلكيين والمساحين في العمل، فلابد لنا من اعتبار ذلك القياس من أعمال العرب العلمية المجيدة المأثورة». الزيج علم الزيج علم يقوم على الحساب وقوانين الأعداد ويعرض فى جداول مرتبة تمكن الطالب من معرفة مواقع النجوم الثابتة، ومواضع الكواكب فى أفلاكها في أي وقت من الأوقات، كما تمكنه من معرفة الشهور والأيام والتواريخ الماضية والتنبؤ بالكسوف والخسوف.
|