أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

تمتع العرب الأقدمون بنوع من الذكاء الفطري الذي يصل إلى مستويات عالية, وتحفظ لنا كتب التراث العربي الكثير من الحكايات والنوادر التي تدل على هذا الذكاء وعلى حسن التصرف البديهي, ومنها تلك النادرة التي توضح معرفتهم بالعمليات الحسابية المعقدة. تقول الحكاية إن أحد أثرياء العرب كان عنده ثلاثة من الأبناء وكان يملك تسعة عشر جوادا أصيلا, وقبل أن يموت ترك لهم وصية طلب فيها أن يأخذ الابن الأكبر نصف عدد الجياد, وأن يأخذ الأوسط ربع العدد, والأصغر خمس العدد, وكانت الوصية محيرة, فالرقم 19 هو رقم مصمت لا يقبل القسمة, والجياد الأصيلة لا تذبح, لأنها بذلك تصبح دون قيمة, واحتار الإخوة الثلاثة كيف ينفذون وصية أبيهم فدب بينهم الخلاف, وذهبوا جميعا إلي شيخ القبيلة حتى يفصل بينهم, وكان حكيما وذكيا, ولكن المسألة كانت معقدة, كيف تقسم 19 جوادا دون أن تذبح أحدها? لذلك أمهلهم حتى اليوم التالي. وعندما عاد الإخوة إليه مرة أخرى وجدوه قد أضاف لجيادهم جوادا من عنده, وأصبح عدد الجياد بذلك عشرين جوادا, فأعطي الأخ الأكبر نصف عددها أي عشرة جياد, وأعطى الأوسط ربع العدد, أي خمسة جياد, وأعطى الأصغر خمس العدد أي أربعة جياد, وبقي من العشرين جواد واحد هو جواد شيخ القبيلة فاسترده مرة أخرى.

وتدل هذه الحكاية على أنه لا توجد مشكلة مستحيلة الحل, وهو ما نطلق عليه الآن أسلوب (التفكير العلمي), وهو تفكير لا ينظر في احتمال واحد ولكنه ينظر إلى كل الاحتمالات, فشيخ القبيلة هنا لم يضف جوادا فقط ولكنه أضاف العديد من الاحتمالات, وفتح أبواب مسألة كانت مغلقة. وعليكم يا أبنائي أن تعرفوا انه لا يوجد حل واحد لأي مشكلة ولكن بالتفكير يمكن أن نجد العديد من الحلول البديلة.

 


 

سليمان العسكري





صورة الغلاف