ونسلو هومر فنان الطبيعة والحروب

ونسلو هومر فنان الطبيعة والحروب

ونسلو هومر رسام أمريكي, ولد سنة 1836م في مدينة (بوسطن) وتربى في مدينة (كمبريدج) المجاورة, وسط الطبيعة الجميلة التي تركت أثراً كبيراً عليه وساهمت بتفتح موهبته الفنية.

كانت دراسته الفنية قصيرة جدا, اقتصرت على حضور بضعة صفوف للرسم وفترة دراسة قصيرة في الأكاديمية الوطنية للرسم, بالإضافة إلى تلقي بعض الدروس الخاصة على يد أحد الفنانين المعروفين في بوسطن, لكنه تابع الرسم بمفرده. عندما أصبح في التاسعة عشرة من العمر شجعه والداه على متابعة الفن كمهنة, فعمل متدربا في شركة ليتوغراف في بوسطن, (الليتوغراف هو نوع من الرسم المعدّ للطباعة).

سافر هومر إلى أوربا, وقضى عشرة شهور في فرنسا, حيث اطلع على أعمال كبار الفنانين الفرنسيين, وأمضى سنتين في إنجلترا, في قرية صيد صغيرة على شاطئ بحر الشمال, حيث أخذ يرسم مشاهد أكثر قساوة لصراع الإنسان البطولي مع الطبيعة, وبدأ يرسم بالألوان المائية.

عندما عاد هومر إلى بلاده استقر نهائيا في (براوتس نك) وهي منطقة نائية على شاطئ ولاية ماين, لأنها تشبه بعزلتها الشاطئ الإنجليزي بتقلبات طقسه وتأثيره على الناس. قام برحلات بالمراكب إلى البحر الكاريبي حيث رسم العديد من مشاهد البحر. تميزت أعماله بوضوح الخطوط الخارجية وبقوّة الأشكال التي تعارضت مع الانطباعية الفرنسية المعاصرة آنذاك, وبالمواضيع التي عكست الروح الأمريكية.

رسام حر

بعد ثلاث سنوات من التدريب في شركة الليتوغراف, ترك هومر العمل ليصبح رساماً حراً, ورسم لأشهر مجلتين أمريكيتين آنذاك. كان في الثالثة والعشرين من عمره عندما انتقل للسكن والعمل في مدينة نيويورك, وفيها أصبح رساماً رئيسياً في مجلة (هاربرز) الشهيرة. أثناء الحرب الأهلية الأمريكية, أرسلته المجلة إلى ولاية فرجينيا, حيث رسم عدداً كبيراً من مشاهد الحرب على الجبهة, وقد ارتكزت بعض لوحاته الشهيرة على تلك الرسوم ومنها لوحة (أسرى من الجبهة), لكنه كان يفضل رسم حياة الجنود في المخيمات أكثر من رسمهم في ساحة المعركة, وكانت رسومه عن مشاهد الحرب من بين الأكثر قوة وأصالة لسجلات الحرب عن قوات الاتحاد وتجاربهم, التي سجّلت آنذاك. رسم هومر أيضا العديد من المواضيع مثل المناظر الطبيعية الريفية ونشاطات التسلية والناس المحليين بالإضافة إلى مواضيع عن الطفولة. اشترك في معارض أكاديمية الرسم ثم انتخب عضواً فيها.

لم يتزوج, وفي أكثر سنوات عمره إنتاجاً عاش حياة منزوية فيها القناعة والسعادة, كما تشهد على ذلك رسائله وعائلته.

توفي هومر في أوائل القرن العشرين سنة 1910 وكان في الرابعة والسبعين من العمر وبقيت أعماله المبتكرة تلاقي تقديراً كبيراً إلى يومنا هذا وتتصدر أكبر متاحف العالم.

منذ سنوات قليلة تصدّرت لوحة هومر (تائه على الضفاف الكبيرة) أخبار الصحف والتلفزيونات في العالم, عندما اشتراها (بيل غايتس) رئيس شركة مايكروسوفت, بمبلغ ثلاثين مليون دولار أمريكي, من رجل كان قد اشتراها من جدّته سنة 1940, واللوحة هي آخر عمل كبير لمشهد بحري من أعمال هومر مازال في يد الخاصّة من الناس, وتمثل مشهداً درامياً من سنة 1885 لاثنين من الصيادين في بحر هائج, ينظران إلى الماء من حافة مركبهما الصغير.

 


 

نهى حمود