عطْر التراب

عطْر التراب

أقحوانة صفراء

رسوم: روني سعيـد

في كفّ التلميذ اقحوانة صفراء.

قطفها, تأملها.. وراح يسير.

في وهج الشمس كان يسير, وأوراق كتابه في البعيد يداعبها الهواء.

وفجأة, تحركت أنامله,

وباشرت نزع أوراقها واحدة واحدة.

ومع كل ورقة كان التلميذ يتمتم في مرة: أنجح.. وفي مرة: لا أنجح.

ظل ينزع أوراق الأقحوانة, ويردد كلمتيه: أنجح, لا أنجح..

وظل العطر, في الأقحوانة يفوح بين كفّيه.

وبعد حين, في زاوية توقف تعبا.

في الظلّ توقف, وتمتم: لا أنجح.

وآخر ورقة رماها.

وبغضب داس قرصاً أصفر مثل شمس قبل الغياب.

بكعب حذائه داس القرص العطر الجميل.

كان القرص يتفتت ويختلط بالتراب.

يتفتت, وصوت له بسرٍّ جميل يبوح:

- نجاحك في أوراقك, وليس في أوراقي, يا عزيزي..

عد إليها.. أراها تنتظرك.. تلوّح لك..

وأنا, وإن دستني, أعودُ إلى ترابي, إلى حضن أمّي,

وأنت تدري أنّ عطري ما زال يفوح.

ياسمينة خضراء

الياسمينة الخضراء تبتسم..

تطلق ألف ابتسامة بيضاء,

وتبدو مثل سماءٍ تزهرُ بالنجوم.

تعلو الياسمينةُ, في آنيتها الملونة, إلى فوق.

تعرش على جدار الشرفة الحمراء.

تنبتُ للياسمينة, في كل يومٍ, أوراقٌ خضراءُ طريه.

تبقى, طوال دورة الشمس عصيّه,

ومنها, على الدوام, العطر يفوح.

حاملُ المرشة كان يسقي الياسمينة, ويقول:

- جميلةٌ ياسمينتي, وقناديلها بيضاء عطرةٌ مثل صباح ربيعي.

رأى خيوط التراب على أوراق الأمس, فقال:

- لولا هذا التراب لكنتِ..

ولم يكمل.

قنديلٌ طريٌ كان قد نبت عند الفجر,

ولاعب خيوط الشمس عند الشروق.

لامس أذن حامل المرشة بهدوء, وقال:

- السر يكمنُ في هذا التراب, يا صاحبي..

اسقني, ودعه يذوب ويحتضن الجذور.

وفي الغد يغدو ورقا أخضر وزهراً أبيض.

وعطراً يفوح.. دائماً يفوح.

 


 

عبدالمجيد زراقط