الإسلام حضارة

الإسلام حضارة

القرآن الكريم والمصحف الشريف

تواصل العربي الصغير رحلتها مع أعظم كتاب شهده الخلق وكان نوراً ومرشداً لبني البشر.. كتاب الله.. القرآن الكريم.

تشكيل القرآن الكريم

كان أبو الأسود الدؤلي أول من وضع ضوابط اللسان العربي, وقام بتشكيل القرآن الكريم بأمر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان السبب المباشر لهذه الخطوة ما سمعه من قارئٍ يقرأ خطأ, قول الله تعالى: إن الله بريء من المشركين ورسولَه, فقرأ الآية بجر اللام من كلمة (رسوله) فغيَّر بذلك المعنى تغييراً كلياً, والصحيح أنها منصوبة لأنها معطوفة على لفظة (الله). وقد أفزع هذا الخطأ أبا الأسود ما دفعه إلى وضع علامات لشكل الحروف والكلمات, فجعل علامة الفتحة نقطة فوق الحرف, وعلامة الكسرة نقطة أسفله, وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف, وجعل علامة السكون نقطتين. وقد أعانه على هذه المهمة بعض العلماء, من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان أول من صنف كتاباً في رسم نقط الحروف وعلاماتها, وكان كذلك أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرهما من العلامات الضابطة, ثم دُوِّن علم النحو ليكون خادماً وضابطاً لقراءة القرآن على الوجه السليم.

رسم خطوط المصحف الشريف

المراد برسم المصحف الكيفية التي كُتبت بها حروفه وكلماته, وَفق المصاحف العثمانية. فمن المعلوم أن الصحف التي كُتبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, والمصاحف العثمانية التي وُزعت على البلدان الإسلامية فيما بعد, كانت خالية من الشكل والنقط.

وكان رسم المصاحف العثمانية يقوم على إملاءٍ خاصٍ به, يختلف عن الرسم الإملائي المعروف لدينا اليوم. وظل الناس يقرؤون القرآن في تلك المصاحف. لكن الخلل وصل اللسان العربي نتيجة الاختلاط بالأعاجم, ما دفع أولي الأمر إلى ضرورة كتابة المصحف بالشكل والنقط وغيرها, حفاظاً على القرآن الكريم من أن يُقرأ على غير الوجه الصحيح.

سور القرآن الكريم وأقسامه

بعد ذلك تدرَّج الناس, فقاموا بكتابة أسماء السور في رأس كل سورة, ووضعوا رموزاً فاصلة عند رؤوس الآيات, وقسموا القرآن إلى أجزاء - ثلاثين جزءا - وأحزاب - 60 حزباً - وأرباع, ووضعوا لكل ذلك علامات خاصة تدل على ما أشارت إليه, حتى إذا كانت نهاية القرن الهجري الثالث, بلغ الرسم القرآني ذروته من الجودة والحسن والضبط والإتقان تمسكا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه فالدعوة الأساسية في الإسلام هي الإتقان, وقد تميز الفن الإسلامي بهذا الإتقان. وأخذ الغربيون هذه الكلمة من المسلمين وأطلقوا عليها مسمى (تكنولوجيا) وترجمت إلى العربية بكلمة (تقنية) وهذا الإتقان أدى إلى النهوض بالزخرفة والتزيين.

تزيين المصحف الشريف

تزيين المصحف استمر بشكل متواصل على طول التاريخ الإسلامي, استخدمت الوحدات الهندسية والنباتية والكتابية في الزخرفة بشكل متناسق وإيقاع طروب وتكامل لوني مما يعطي للمصحف الشريف شكلاً رائعاً ووقوراً في نفس الوقت. بعض الفنانين قاموا بزخرفة المصحف جميعه, وبعضهم اكتفى بزخرفة صفحات كاملة منه مثل صفحات الفاتحة وأول سورة البقرة, وحول سور الإخلاص والفلق والناس, وأحياناً حول سور الشورى والإسراء ويس وسورة ق. وكان الحرص دائماً على تجميل بداية المصحف وآخره دلالة على أن المصحف تضمه دفتان آية في الجمال والجلال. بالإضافة إلى تلك الزخارف في الهوامش مثل الزهيرات والسعيفات والنجيمات والتي تدل على مواضع انتهاء الأجزاء والأحزاب والأرباع وفي مواضع السجدات إضافة إلى تلك الفواصل الزخرفية لتحديد الآيات وأرقامها أو المستطيلات الزخرفية للفصل بين السور المتعاقبة والتي تشتمل على اسم السورة ومكان نزولها وعدد آياتها.

 


 

هيثم خيري