حكايات ريم

حكايات ريم

رسوم: علي دسوقي

كانت أم ريم مشغولة في إعداد طعام العشاء, حين جرت ريم إلى جدها تطالبه بأن يحكي لها حدوتة. ارتبك الجد فلم يحدث أن حكى حدوتة من قبل لأي من أطفال العائلة الذين كبروا الآن وصاروا أطباء ومهندسين ومدرسين. ألحت ريم مرة ثانية فجلس الجد على الأريكة.

نظر الجد إلى الجدار الذي يحمل صورا كثيرة لأطفال العائلة, وأخذ نفسا عميقا وراح يحكي لحفيدته حدوتة الولد (خالد). كان خالد قد فاجأ أمه وأباه ذات مساء بعدم رغبته في شرب اللبن, ورغبته في عدم الذهاب إلى المدرسة في صباح اليوم التالي وقد بدا كسلان وضجرا طول اليوم.

بدت (ريم) في غير حماس لسماع بقية الحدوتة, فنهضت عن الأريكة وقالت لجدها:

(مللت حواديت الكسلانين يا جدي.. احك حدوتة أخرى).

توقف الجد عن حدوتة الولد (خالد) وراح يحكي لحفيدته حدوتة الولد (عمر). كان الولد (عمر) قد فاجأ الجميع ذات صباح وهو يمسك بذيل قطة صغيرة ويجري بها هنا هناك فأثار الذعر بين أطفال البيت والبيوت المجاورة.

لم يكد يكمل الجد حدوتة الولد عمر حتى راحت ريم تمسك بعروستها وتمشط شعرها. بدت ريم مشغولة تماما بشيء آخر غير حدوتة الولد عمر, وبعد وقت نظرت ريم إلى جدها وقالت:(مللت حواديت العنف يا جدي.. احك لي واحدة أخرى).

وقف الجد عن حدوتة الولد عمر وراح يحكي حدوتة الولد عصام الذي أضاع حقيبته المدرسية وهو عائد من المدرسة, فقد كان مشغولا بضرب حجر صغير بقدمه طول الطريق.

نهضت ريم عن الأريكة واقتربت من النافذة وراحت تتابع عصفورة على الشجرة المقابلة. كانت العصفورة تتقافز في حرية بين أغصان الشجرة, ثم جاءت القطة ساندي قطة ريم وقفزت على حافة النافذة لتنظر مع صاحبتها إلى العصفورة.

لاحظ الجد أن ريم لا تتابع حواديته بحماس فراح ينظر من النافذة ليعرف ماذا لفت انتباه ريم وشغلها عن متابعة حواديته.

نظرت ريم إلى العصفورة التي تتقافز من غصن إلى غصن وتطير بعيدا وقالت لجدها: (حواديتك ليس بها بنات, وحواديت بغير بنات, حواديت ليست جميلة يا جدي).

طارت العصفورة وحلقت بعيدا وعادت ريم وجدها إلى الأريكة.

تأمل الجد كلام حفيدته ريم وراح يفكر, فحواديته حقا تخلو من البنات وهو لا يعرف لماذا, ثم ابتسم الجد وهو يقترح على ريم أن تحكي هي الحواديت التي تحبها.

فكرت ريم للحظة ثم انطلقت تحكي في حماس عن البنت غادة التي تمردت عليها عروستها ذات صباح حين أرادت أن تراها وهي تفتح عينيها وتغمضهما وتقول ماما وبابا.

قالت العروسة للبنت غادة: (في الحياة أشياء كثيرة بإمكاننا نحن العرائس أن نفعلها غير ان نغمض عيوننا ونفتحها ونقول بابا وماما).

دهشت البنت (غادة) وهي ترى عروستها تتحدث وتقول: (دعيني أتحرك بحرية وسوف ترين).

سوف أنهض لأساعدك في تنظيف الغرفة.

وسوف أسقي معك أزهار الشرفة.

وسوف أغلق التلفزيون وأهدأ في سريري حين تستذكرين دروسك.

فرحت البنت غادة بعروستها واتخذتها أختا لها, تحدثها وتحكي لها حكاياتها.

قاطع الجد حفيدته ريم وهي تحكي حدوتة البنت غادة وعروستها وقال: (مللت حواديت العرائس والدمى..).

احكي لي حدوتة أخرى.

ابتسمت (ريم) وقالت لجدها: سأحكي لك حدوتة.

قاطعها جدها وقال: تذكرت يا ريم سأحكي لك حدوتة الأراجوز الذي راح يرقص ويغني ليشيع المرح والبهجة في قلب السلطان الحزين.

وكان السلطان يأخذ الحكمة من حكايات الأراجوز.

ابتسمت ريم واعترضت على حدوتة جدها قائلة: مللت حواديت الحكام والسلاطين يا جدي.

احك لي حدوتة الناس الذين يشبهوننا.

أليس من حقنا أن ندخل الحواديت يا جدي.

فكر الجد قليلا وابتسم وهو يربت على خد حفيدته, فقد شعر بأنها محقة تماما وقال: (نعم من حق كل الناس أن يدخلوا الحواديت).

نظرت ريم إلى صورتها على الجدار وابتسمت وقالت لجدها:

(سأحكي لك حدوتة البنت ريم التي تحب صاحباتها في المدرسة وتتبادل معهن هدايا عيد الميلاد, وتحب معلمتها لأنها تفهم منها الدرس جيدا, وتحب جدها كثيرا على الرغم من أنه نسي أن يعطيها العيدية في العيد الماضي, ولم يواتها بهدية في عيد ميلادها).

ابتسم الجد وقال لحفيدته:

(أعترض على هذا النوع من الحواديت الذي ليس به صبيان, فالحواديت التي ليس بها صبيان, حواديت ليست جميلة يا ريم).

كانت والدة ريم قد فرغت من إعداد الطعام فقالت ريم لجدها: لندع ماما إذن تحكي لنا حدوتة.

بدأت ريم وقطتها تسمعان بإنصات إلى أم ريم.

 


 

نعمات البحيري