سارة تحب أصدقاءها
سارة تحب أصدقاءها
ترجمة: حسام علوان كنت أعيش في شارع لم يكن به أي أطفال سواي. ذات يوم, جاءت فتاة جديدة لتعيش في شارعنا, وسررت لذلك كثيراً, لأنه أخيراً قد تكون هناك صديقة إلى جواري لألعب معها. خرجت للشارع بدراجتي. الفتاة الجديدة كانت في الحديقة, وكانت تداعب قطتها. (أهلا.. اسمي إيلا. وأنت ما اسمك?) سألتها فلم تجب الفتاة الجديدة. (هل تريدين اللعب معي?) سألتها. لكن الفتاة الجديدة لم تلتفت لي, وتابعتْ بدلا عن ذلك مداعبة قطتها. (أنا لديّ قطة أيضا ربما أصبحت قطتك وقطتي صديقتين.. ما قولك?). وحينها رأتني الفتاة الجديدة, ولم تنطق بكلمة, ولكنها حدقت فيّ مليا. وأنا ذهبت إلى البيت وأخبرت أمي: (تلك الفتاة الجديدة ليست لطيفة مطلقا). قلت واستدركت (لقد طلبت منها أن تلعب معي, لكنها لا تريد ذلك). فقالت أمي: (لا تتحاملي على الفتاة, فقد تكون فقط خجولة نوعا ما). في اليوم التالي رأيت أمي تتحدث مع أم الفتاة. بعد ذلك, أخبرتني أمي أن اسم الفتاة الجديدة سارة, وأنها صماء. (وماذا يعني أن تكون صماء?) قلت وأردفت: (بإمكانها على الأقل أن تتكلم, أليس كذلك?!). (هذا أمر صعب). قالت أمي وأضافت: (كيف يكون بإمكانك أن تتكلمي إذا لم يكن بإمكانك أن تسمعي صوتك الخاص?!). (ألا يمكنها حتى أن تسمع صوتها الخاص?). (بصعوبة مطلقة. حتى إذا استخدمت سماعات طبية لا يمكنها أن تسمع صوت أي أحد بوضوح). فكرت في الفتاة الجديدة, وأردت أن أضع نفسي موضعها, فوضعت يديّ على أذنيّ, لكني لم أستطع أن أشعر بما تشعر به الفتاة حينما تكون صماء, لأنني حتى بعد وضع يديّ على أذنيّ كان لا يزال بإمكاني أن أسمع صوتي إذا ما تحدثت بصوت مرتفع. (إذن هكذا لن يكون بإمكاني أن أجد أي أحد لألعب معه). قلت لأمي: (ربما يحدث ذلك, فسارة لديها طريقة لتسمع بها). قالت أمي: (وما هي هذه الطريقة?) تساءلت: (إنها تسمع بعينيها). (كيف بإمكان المرء أن يسمع بعينيه يا أمي?). سألت أمي في دهشة لما تقوله. (أنظري). قالت أمي, ثم بدأت تحرك فمها دون أن يخرج منه أي صوت. (ماذا قلت?) سألتني أمي. (لا أعرف. إنك لم تستخدمي صوتك). قلت لأمي. (لو كانت سارة هنا لفهمتني, ذلك أنها تستطيع أن تقرأ الشفاه). وبدافع من الفضول بدأت ألعب مع أمي لعبة قراءة الشفاه. بعض الكلمات كان تخمينها سهلا, البعض الآخر لم يكن كذلك مطلقا. (سارة لديها أيضا طريقة لتتكلم بها. إنها تتحدث بيديها, وأمها سترينا كيف تفعل ابنتها ذلك). وفي الأسبوع ذاته, أتت سارة بصحبة أمها لتشربا الشاي معنا. نظرت سارة للكعك الذي كانت أمي قد أحضرته مع الشاي, ووضعت يدها ضاغطة بها على بطنها مشيرة إلى أنها تشعر بالجوع. (أنا أيضا أشعر بالجوع). قلت لها. أكلنا معا, وأثناء ذلك أرتني سارة العلامات التي تشير إلى (كعك), (شاي), (حسنا), وكانت علامات سهلة لكي أفهمها. بعد شرب الشاي, أرتنا أم سارة كيف يمكننا أن نتهجى الكلمات بأصابعنا. وأنا وأمي أخذنا نمارس هجاء الكلمات بالأصابع. في البداية كان الأمر صعبا, لكنه ما لبث أن أصبح أكثر يسرا. في المرة التالية التي رأيت فيها سارة كانت تنتعل في قدميها حذاء ذا عجلات. (أهلا) قلت لها, فتمكنت من قراءة شفتي, وابتسمت, ثم أنني تهجيت اسمي على أصابعي, وبالمثل تهجت سارة اسمها. أحضرت حذائي ذا العجلات, وأخذنا نلعب معا لعبة التزلج على الإسفلت. وقطتانا كانتا تلعبان معا. قطتانا أصبحتا صديقتين. قالت سارة مشيرة بأصابعها, وأردفت: (بإمكاننا نحن أيضا أن نصبح صديقتين, أليس كذلك)? فابتسمت لسارة. ما لبثت سارة أن التحقت بمدرستي نفسها, وبينما كنت ألعب مع صديقاتي جاءت سارة وسألتني: (هل بإمكاني أن ألعب معكن?). توجهت بالسؤال لصديقاتي, فرفضن ذلك على الفور, وأخذن يضحكن على سارة لأنها لم يكن بإمكانها أن تسمع أو تتكلم. لكني حينها فضلت اللعب مع سارة عن اللعب مع باقي صديقاتي. وأخذنا نتحدث - أنا وهي - بإشارات الأصابع. بعد قليل جاءت صديقاتي لمشاهدتنا: (ماذا تقولان بأصابعكما?) سألنني. (أنا لن أخبركن, لأنها لغتنا السرية, ولا أريد لأحد أن يطلع عليها). لكن في البيت, أخبرت كريمة عن الطريقة التي يمكن بها أن تتهجى اسمها, وبالمثل فعلت مع فريدة وهايدي. بعد ذلك جاءت معلمة خاصة بسارة إلى المدرسة. وعلمتنا كيف نتهجى الكلمات بأصابعنا, وعلمتنا أيضا بعض الإشارات. وكان ذلك ممتعا للغاية, إلى درجة أننا بدأنا نرتجل علامات جديدة بأنفسنا. وبدأنا نتعلم كيف يمكننا أن نتحدث معا دون إحداث أي ضوضاء. سارة كانت مستمتعة بما يحدث. فكلما كان بإمكاننا أن نتعلم إشارات وعلامات جديدة كان بإمكاننا أن نتحدث أكثر إلى سارة وكلما تحدثنا أكثر إليها ابتسمت هي أكثر. وبالمناسبة, سارة تتزحلق ببراعة على الاسفلت بمساعدة الحذاء ذي العجلات.
|