الأشجار تقاوم وتواصل الحياة

الأشجار تقاوم وتواصل الحياة

أنا صديقتكم الشجرة, روح الطبيعة, وأكبر أنواع النباتات وأطولها عمرا, وهناك حوالي 300 ألف من أنواع النباتات على ظهر الأرض, ولا أريد أن أفتخر بنفسي ولكن أنا أكثر الكائنات قدرة على مقاومة عوامل الطبيعة القاسية لأنني أنمو في كل مكان تقريبا, في وسط الصحراء الثلجية الممتدة, ووسط الصحراوات العطشى التي لا يوجد فيها ماء, ورغم أن أغصاني قد تبدو ضعيفة, فإنني أقاوم الأعاصير التي تهب على شواطئ المحيطات, وعندما أُقطعْ أعاود النمو من جديد, في كل هذه الأحوال أهب الحياة للأرض ومن يعيش عليها من بشر وحيوانات, وذلك حين آخذ من الهواء ثاني أكسيد الكربون الذي يلوّث الجو وأحوّله إلى الأكسجين المنعش الذي تحتاجون إليه للتنفس, والأشجار يا أصدقائي مثل الحيوانات, تولد وتتكاثر وتموت, ولكن ليس لها جهاز عصبي, لذلك لا تقوم بالحركة ولكنها تظل ثابتة في مكانها لا يحرّكها فقط سوى الريح.

هل تعرفون كيف أواصل الحياة, إن جذوري الكامنة في تربة الأرض تمتص منها الماء والأملاح, وأنقلها عبر قنوات صغيرة إلى الأوراق, وهناك, بفضل ضوء الشمس وغاز الكربون تتحول هذه العصارات إلى مادة عضوية قادرة على تغذيتي, هذه العملية تسمى التمثيل الضوئي, وينتج عنها الأكسجين الذي لا أحتاج إليه, ولكن يحتاج إليه الآخرون, وتسير هذه المادة العضوية في بقية الأقنية الصغيرة الموجودة في فروعي حتى أكبر وأنمو.

الآن أرحل معكم إلى هذه الغابة من أشجار المطاط في ماليزيا, هذه الأشجار المتشابهة لا تنتج المطاط فقط, ولكنها تساهم في صناعة الورق, والخشب اللازم لصناعة الأثاث, وهذه الأشجار يجب ألا تزرع متلاصقة, ولكن يجب أن يكون بين كل شجرة وأخرى 5 أمتار مربعة على الأقل, وهي تنمو وتنضج على مدى 25 عاما, وعندما يقوم المزارعون بجرح اللحاء الذي يحيط بجذوع هذه الأشجار يهبط منها سائل أبيض هو الذي يصنع منه المطاط.

هذه صديقتي شجرة الاكاسيا, توجد وحدها في هذه الرمال وسط الصحراء العربية, أتعرفون كيف تتغذى, إنها تجمع ندى الليل على أوراقها, وتجمع الأملاح من التربة, وتواصل الحياة بهذا القدر الشحيح من المواد الغذائية المتوافرة.

تأملوا هذه الشجرة, إنها زميلتي, ولكنها أكثر نحافة ورشاقة, إنها من نوع البونسوان, وهي توجد على شواطئ الجزر الاستوائية, وقد دربت نفسها بحيث تنحني وتتمايل مع الأعاصير دون أن تقتلعها من جذورها, ويبلغ طول هذه الجذور أكثر من مترين, وهي مكيفة أيضا على امتصاص الماء المالح.

تخيلوا هذا الطريق الأخضر المظلل الذي تصنعه زميلاتي من أشجار الحور, زمان قبل اختراع السيارات, كانت العديد من الطرق بهذا الشكل, وكان المسافر يرحل في الظل إلى مسافات طويلة, ولكن السيارات كانت تريد طرقا واسعة, لذلك قطعت ملايين الأشجار من أجلها, أحيانا يكون التقدم باهظ الثمن.

أشجار التين البنغالي تستطيع أن تنمو عاليا إلى ارتفاع 40 او 50 قدما, ولكن مشكلتها أنها باسقة أكثر مما ينبغي, وإذا أصيبت الجذور بأي مرض فهي لا تستطيع أن تمد الأغصان العلوية بالغذاء الكافي, لذلك فإن بعضا منها يموت.

هذه أنواع من أشجار الصنوبر طويل القامة, هل تعرفون لماذا طالت قامتها هكذا? لأن هناك تلالا تحيط بها وتحجب عنها ضوء الشمس, لذلك فهي تطول وتطول حتى تأخذ نصيبها منها, وتبدو قمتها متوهجة باللون الأصفر, وتعمل جذورها على تغذية التربة بنوع من أملاح النترات حتى تعوض لها الضوء الذي تفتقده.

 


 

محمد سيف