أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

تخيل كاتبٌ من كُتاب قصص الخيال العلمي أنه سوف يأتي يوم ما تتطور فيه طرق التعليم، بحيث لا يصبح للمدرسة أي وجود، اسم الكاتب هو إيزاك أسيموف، وعلى الرغم من أنه قد توفي منذ فترة قصيرة إلا أنه كان مشهورًا بآرائه الجريئة ونظراته المستقبلية، وقد تخيل هذا الكاتب أن كل الطلبة سوف يبقون في بيوتهم، لا يربطهم بالعالم سوى جهاز كمبيوتر يظهر فيه المدرسون كل صباح، ويعرضون دروسهم بالكلمة والصورة، ويمكن للطالب أن يناقشهم وأن يناقشوه، ولكن كل واحد بعيد عن الآخر، وبهذه الطريقة سيتم التعليم عبر البلاد والبحار والكواكب، لن تكون هناك فصول يتجمع فيها الطلبة ولا أبنية مدرسية، وبالطبع لا كتب مدرسية!

إنها صورة لمدرسة مريحة، ولكنها مقبضة وخالية من الحياة، فالأجراس التي ترن في سبتمبر من هذا العام وكل عام، تعني بداية عام جديد بكل ما فيه من أمل وترقب واستبشار، فالمدرسة هي حقًا مكان لتلقي العلم والمعرفة وتهيئة الأذهان من أجل المستقبل، ولكنها أيضًا مكان الذكريات والأحداث والصداقات التي تدوم طويلاً، إنه المكان الذي يحدث فيه التفاعل الحقيقي بين الطلبة الصغار، وهو تفاعل إيجابي لأن الطالب فيه يكتسب حب المعرفة عن طريق المنافسة الشريفة، والرغبة في التفوق على الأقران هي التي تدفع بأي طالب إلى المراكز الأولى، خاصة عندما تقترن هذه الرغبة بتنظيم عملية مذاكرة الدروس منذ اليوم الأول من العام، وحب المعرفة والبحث في الكتب أو حتى على شبكة الإنترنت، ولكن هذا التنافس لا يلغي روح الصداقة التي تنمو بين زملاء الصف الواحد مع توالي أيام العام.

المدرسة مكان بهيج حقًا، ولا أعتقد أنه مهما تقدمت البشرية تستطيع أن تستغني عنها، وسوف تواصل الأجراس دقاتها في سبتمبر من كل عام.

 


 

سليمان العسكري

 




صورة الغلاف