الإسلام حضارة

الإسلام حضارة

البيت في القرآن الكريم

إذا ذكرت كلمة البيت في القرآن الكريم فهي تعني الكعبة, يقول سبحانه وتعالى في الآية 125 من سورة البقرة: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ .

البيت في الإسلام

لا يقتصر مفهوم البيت في الإسلام, على جمعه بين أفراد الأسرة في مكان واحد فقط, وإنما يشتمل على معان عديدة, ترتبط بالود والتراحم و السكن .. ففي سورة النور يقول الله عز وجل فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ. رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ . فالبيت هنا مثلما يعني المسجد وينبغي أن يذكر فيه الله كثيرا, وتقام فيه الصلاة, فكذلك الأمر في بيوتنا التي تبنى على التراحم والحب واحترام الصغــير للكبير.

آداب دخول البيت

و إذا كان الاحترام من ركائز البيت الإسلامي, فإن احترامنا لبيوت الآخرين من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم .. حيث حض الله سبحانه وتعالى على آداب دخول البيت في أكثر من آية في القرآن الكريم , كما أكد رسوله صلى الله عليه و سلم على ذلك المعنى في أحاديث عديدة . وفي سورة النور نفسها يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ فجعل الله السلام و الاستئذان شرطين لدخول البيوت, ليكفل بذلك حرمة البيت وخصوصيته.

و من ناحية أخرى يجب على أبنائنا الأعزاء أن يعدوا للضيف كل الوسائل التي توفرله الراحة و الطمأنينة , فلا يقوموا بإزعاجهم ومضايقتهم , حتى ولو كان ذلك على سبيل اللعب و المزاح , بل يقومون بالعمل على راحتهم بتوفير بعض الأدوات التي تخصص للضيوف , و تنظيفها وترتيبها, مثل ترتيب الأسرة التي سينامون عليها. ويجب استقبال الضيف كذلك بالترحاب والابتسامة , التي قال نبينا المصطـــفى عنها :تبسمك فـي وجـه أخيــك صدقة .

العمارة في البيت الإسلامي

بالرغم من أن البيت العصري قد لا يتسم بأية ملامح من التراث الإسلامي , حين يصمم على الطراز الحديث , الذي يجمع بين الحداثة والعملية , بمعــنـــى أنك لا تجد في الأثاث ـ على سبيل المثال ـ النقوش والزخارف القديمة , إلا أن البيت الإسلامي القديم كان يحفل بهذه العناصر ..

كما كانت البيوت في عصر صدر الإسلام تتميز بالبساطة و التواضع , فكانت تقام المنازل في الأحياء والحارات التي تحمل أسماء القبائل و الأسر التي تقيم فيها, وكان أبناء كل أسرة يقيمون في بيوت متجاورة من هذه الأحياء, وكل مدينة تحاط بسور حصين , لكي يسهل الدفاع عن المدينة في حال تعــرضها للحروب والمخــــاطر.

وكانت البيوت الصغيرة تحتوي على طابقين أو ثلاثة فقط , وكان يستخدم الطابق الأرضي كمخزن أو لتربية الحيوانات , ثم تدخل إلى غرف المعيشة المتواضعة الأثاث, وكان يزيد الطابق الثاني عن الأول في وجود المطبـخ والحمام.

أما القصور و البيوت الفخمة فاتسمت بالرحابة والجمال الأخاذ . حيث تجد فناء بمجرد دخولك عبر بوابة القصر , وفي داخل الفناء مربع تتوسطه نافورة , لتوفير التهوية للغرف الكثيرة التي تحوط الفناء . أما الغرف فكان يرسم على جدرانها نقوش كثيرة , تشتمل على رسوم الحيوانات والطيور والنباتات و أوراق الأشجار.

المشربيات

ألحق بالغرف ما يسمى بالمشربيات , و هي عبارة عن نوافذ جميلة مصنوعة من الخشب, بها فتحات يتخللها الهواء والضوء, و قد ابتدعها المهندسون في العصر المملوكي حتى تحفظ حرمات البيوت, بحيث تستطيع نساء الدار رؤية ما بخارجه من شوارع وأسواق و بيوت دون أن يراها أحد من عابري الطريق , كما أنها كانت تستخدم لإدخال الهواء و تبريد أواني الشرب .