غوغان.. من بورصة المال إلى سحر الألوان

غوغان.. من بورصة المال إلى سحر الألوان

الفنان (بول غوغان) من الفنانين القلائل الذين هربوا من عالم المال ومستنداته وصخبه ليذهب إلى واحة القلق الجميل. عالم الرسم والتلوين, ولا يمكن لأي فنان أن يفعل ما فعله غوغان حيث قرر العيش في عالمه المتخيل في الرسم, فقد حقق مساحة رائدة في الفن التشكيلي العالمي المعاصر.

فقد ولد (بول غوغان) في باريس في السابع من يونيو 1848م ليلتحق في العام 1871 بالخدمة العسكرية كبحار على سفينة حربية, وبعد انتهاء الحرب الفرنسية الألمانية عمل موظفا في شركة بارتان العقارية في باريس, وتزوج من مربية أطفال دانماركية.

عرض أول أعماله في صالون السيدة مالارمي, وكان مدخوله من عمله في البورصة المالية يدر عليه مالا وفيرا, حيث بدأ بشراء الأعمال الفنية من أصدقائه الرسامين الانطباعيين.

وبعد أن ترك البورصة المالية بدأ يحلم بزيارة الى المناطق الاستوائية, ولم يثنه الفشل الذي حصل في معرضه الأول فسافر في العام 1891 إلى جزيرة حلمه (جزيرة تاهيتي) الجزيرة التي شكلت جل أعماله الفنية, بل عرف غوغان بفنان تاهيتي, عبر انطباعية سحرية أشبه ما تكون بعشق غامض لنساء تاهيتي والأشجار الاستوائية, وكانت كل لوحة تنبض بحرارة لونية ودفء في التكوينات التاهيتية.

فقد كانت علاقة غوغان بالطبيعة والناس علاقة عضوية, بل سحرية وصلت به إلى استنطاق الألوان بمساحاتها الواسعة بجرأة غير مسبوقة في وضع الألوان الحارة بجانب الباردة, كان يهتم في رسوماته بالتعبير الصادق بعيدا عن قوانين العمل الفني السائد, فأسس قانون لوحته الخاص ليصبح مدرسة فنية بحد ذاته, حيث حدقت عيناه في الفاكهة الاستوائية والأشجار الضخمة والأوراق المتساقطة العريضة وصولا إلى الحيوانات والزهور, فنجده في لوحته التي جاءت بعنوان (صورة ذاتية كاريكاتورية) عام 1889, قد مزج بين شخصيته الحارة والمتمردة والفاكهة بخلفيات لونية أشبه بشمس الظهيرة حيث تواشجات الأحمر والأصفر, لذلك نجد ألوانه تتجاوز الواقعية لتعطي شعورا بالأمن والمتعة عبر تحقيق التناغم والوحدة, فنان لوحاته تشبه الوعورة الرعوية البدائية الصادقة.

لقد غادر غوغان تاهيتي بكلمات أشبه بالشعر, كلمات فيها حركة وعشق وعاطفـــة قائلا: وداعا أيتها الأرض الجميلة المضيافة, أرض الجمال والحرية.

لقد مات غوغان في الثامن من مايو (1903) عن عمر (54) سنة في كوخه في جزيرة المارتينيك تاركا خلفه وهج نساء تاهيتـي وألوانه الحارة التي تشع دفئا وعاطفة.

 

 


 

محمد العامري

 
















رسم جوجان أطفالا كثيرين.. رأى فيهم مرآة الطبيعة والشعر