النول العجوز

النول العجوز

شعر
رسم: محمد يونس

كأنّهُ صُوَرٌ
تمرُّ في أحلامنا
تمرُّ من أمامنا
فتبْهرُ النظرْ

نوْلٌ قديمٌ لم يَعدْ يذكُرُهُ البشَرْ
أحَسَّ بالخطرْ
لأنهُ مُقيمُ
دُكّانُهُ قديمُ
ينامُ في زاويةٍ وحيدْ
كأنهُ شَريدْ

يَعْبُرُ من أمامِهِ الصغارُ
والكبارُ
وقد علا من فوقِهِ الغبارُ
فقالْ:
أهكذا توقَّفَ الزمانْ
ومرَّتِ الأيامُ بالأجيالْ؟
ولم تَعُدْ تذكرُني
ولم تعدْ تشكُرني
يا أيها الإنسانْ
أنا الذي صنعْتُ أجملَ الأثوابْ

أبَعْدَها أُقيمُ
كأنني في وَحْدتي يتيمُ؟
هيا... اسمعوا
فخشبي الصقيلُ
يقولُ:
لا تتركوني هكذا
مُحَطَّمًا كأنني قتيلُ
وسمعَ العجوزُ صوتَ نوِلِه القديمْ
فاغرورقت عيناه بالدموعْ
وهَبَّ نحوَ المِشطِ والمِقَصِّ
والخيوطِ والألوانْ
ومن خلالِ دمعِهِ الرحيمْ
قالَ له:
لا تبتئسْ يا صاحبي الحميمْ
سوف نظلُّ رفقةً
ولن تضيعْ
وساعةٌ...
وساعتانْ
انتشرتْ طَقْطَقةٌ
فانتعشَ المكانْ
كانَ العجوزُ فرِحًا
يُدَنْدِنُ الألحانْ

ونَوْلُهُ يُحَوِّلُ الخيوطَ
ثوبًا رائعَ الألوانْ
كأنهُ ربيعْ
في شكلِهِ البديعْ
وفرحَ الجميعْ

ومن جديدٍ فُتحَ الدكانْ
ونولُهُ يَصْدَحُ من جديدْ
كأنهُ في عيدْ
فقد رأى أمامهُ إنسانْ
بنظرة الفنانْ
يعيدُ يومًا كانَ
من زمانْ

 


 

بيان الصفدي