الإسكافي الفقير وجاره الغني

الإسكافي الفقير وجاره الغني

حكاية شعبية من البرتغال
ترجمها عن الإسبانية: محمد إبراهيم مبروك
رسم: حلمي التوني

كان هناك إسكافيٌ يؤدي عملَه وهو جالسٌ على مقعده وأمامه مائدةٌ صغيرةٌ يعمل عليها طوالَ النهارِ أمامَ بابِ بيته. وكان يقضي اليومَ بطولِه وهو يدندنُ بالأغاني خلالَ عملِه. وكان له كثيرٌ من الأبناءِ يذهبونَ ويأتونَ في الشارعِ بملابسهم المهلهلةِ. وعندما يحل الليلُ، وفي الوقتِ الذي تنشغلُ فيه الأمُ بطهي الطعامِ لهم، يسحب الإسكافي جيتارَه ويغني أغانيه التي يحبها في سعادةٍ بالغةٍ.

وكان أمامَه - في الناحيةِ المقابلةِ من الطريقِ - رجلٌ غنيٌ جدًا، أثاروا انتباهَه، بالكيفيةِ التي يحيون بها حياتَهم. ولقد شعرَ بالإشفاقِ على الإسكافي، فأرسلَ له صرّة ملأى بالنقودِ ليجعل حياتَه سعيدة.

صُعقَ الإسكافي من الدهشةِ وهو يأخذ النقودَ. ولما حلّ الليلُ، أغلقَ على نفسِه وعلى زوجتِه البابَ ليعد النقودَ.

وفي تلك الليلةِ لم يلمس الإسكافي الجيتارَ. والأولاد يلعبون كما اعتادوا داخل البيت، وضجة أصواتهم تتعالى إلى الدرجة التي جعلته يخطئ في عدد النقود،ِ فاغتاظ َمنهم وضربهم بشدة ٍليسكتهم، وبدلاً من أن يسكتوا هاجوا وعلا صراخهُم وبكاؤهم، كما لم يفعلوا أبدًا من قبل. ولما اشتكوا من أن الجوعَ زاد عليهم وأنهم لم يتعشوا حتى الآن، نفد صبرُ الزوجة وقالت:

- والآن ما الذي سنفعله نحن بكل هذه النقود؟

الاسكافي: نخبئها بدفنها في الأرض.

الزوجة: بعد أن ندفنها سننسى مكانها ولن نعرف َأين هي. الأفضلُ أن نحافظ عليها في صندوق.

الإسكافي: لكن يمكن أن يسرقه اللصوصُ.

الزوجة: ؟؟؟؟

الاسكافي: إذن يمكن أن نغير بها نظامَ البيتِ ونجدده، نبني غرفةً على السطوح، ونعمل ورشةً، ونبيّض البيتَ كله ونعطيه فرشة لون.

الزوجة: لكننا بهذه الطريقة لن نفيد أحدًا، والأفضل أن نشتري عدة أفدنة أرض.. حيث إنني فلاحةٌ وبنت فلاح وراحة جسمي وراحة بالي لا وجود لهما إلا في الريف.

الاسكافي: وبهذه الطريقة لن تكون النقود تحت يدي.

الزوجة: إن جئت للحقيقة، فإن كل ما يهمني أن يكون عندي أرض، وكل ما عدا ذلك كلامٌ فارغٌ!

واحتد الخلاف بينهما وتملكهما الغضب، وكلمة ضد كلمة وهنا هاج الرجل، فتعالى الصراخُ من ناحية، والزعيقُ من الناحية الأخرى، وفي هذه الليلة لم تغمض عينٌ لأحد في البيت.

لاحظ الجارُ الغني ذلك كلَه، ولم يستطع أن يجد تفسيرًا لهذا التغير.

وفي النهاية قال الإسكافي لزوجته:

- شيء ما حدث.... أتعرفينه؟ أتعرفي أن النقودَ سرقت منا ما كان يسعدنا طوالَ عمرنا؟!

ولهذا السببِ الأفضلُ لنا الآن أن نعيدَ هذه النقودَ كلها إلى جارنا الساكنِ في الناحية الثانيةِ. ونقول له إننا هنا وبهذه المهنة نعيش عيشتنا الطيبةَ أفضل!

استقبلت المرأةُ هذا الكلامَ بفرحةٍ عظيمةٍ، وأحب الإسكافي أن ينقذ سعادتَه وسعادة أولادِه وسعادةَ زوجتِه. فذهب وسلّم صرّة النقودِ لصاحبها. وعاد إلى مكانه خلفَ مائدةِ العملِ الصغيرةِ أمام باب بيته ليشتغل وهو يغني كما تعودَ طوال عمره!

 

 

 

 


 

تيوفيلو براجا