قطرات الماء تحدد الثواني والدقائق والساعات

قطرات الماء تحدد الثواني والدقائق والساعات

صوّرها: حسين لاري

منذ مطلع التاريخ والإنسان يراقب ويقيس مظاهر الطبيعة من حوله, وذلك لأسباب دينية أو بتأثير الرهبة التي أحسها الإنسان الأول أمام حركة الكواكب وتعاقب الليل والنهار. اكتشف الإنسان أن هناك زمنا يمر, وأنه في حاجة لقياس هذا الزمن, فكانت البداية مع الساعة الشمسية التي استعان بها القدماء لصناعة نماذج أولية لآلات قياس الوقت. ومن ثم تم اختراع الساعة المائية على يد قدماء المصريين لحاجتهم لتحديد الوقت أثناء الليل وذلك في القرن الثاني قبل الميلاد. ومن المصريين إلى البابليين إلى الصينيين واليونان إلى زمن تطور الحضارة, وسُميت الساعة قديما بـ(كليبسدارا), كما قدم أفلاطون نموذجا منها في حوالي عام 400 ق.م. واستخدمت في أثينا لضبط طول المرافعات في المحاكم في وقت مبكر يرجع إلى عام 159ق.م.

وتتكون الساعة المائية القديمة أو البدائية المبسطة من وعاء زجاجي على جانبه تدرّج من العلامات المرتبة بحيث عندما يخرج منها الماء فإن الجزء المتبقي منه في الوعاء يحدد الوقت. وتم إدخال بعض التحسينات على إدارة القياس مثل استخدام جسم عائم يشير إلى الزمن. وفي تصميم آخر لهذه الأداة يدير الماء المتساقط على شكل قطرات عجلة صغيرة متصلة بعقارب على واجهة القرص.

ورغم تقدم الساعات فإن زمن الساعة المائية لم ينته بعد. لقد تحوّلت إلى نصب جميل يزيّن الأماكن المهمة. واليوم يتلخص لنا تاريخ الساعات المائية في سوق شرق الواقع على الخليج العربي بدولة الكويت واحدة من أبرز هذه الساعات حيث تنتصب في منتصف هذا السوق الساعة المائية العملاقة إذ يبلغ ارتفاعها 6 أمتار وعرضها 3.5 أمتار واحتلت المرتبة الحادية عشرة بين مثيلاتها من 21 ساعة مائية بهذا الحجم في العالم.

وتم تصميمها من قبل البروفسور الفرنسي (بيرنارد جيتاز) وتعمل بطريقة شائقة جدا من خلال تدفق الماء أو انسيابه مما جعل منها تحفة عالمية وبؤرة استقطاب للناظرين, يتجمع حولها العديد من المارة لالتقاط الصور والإحساس بمتعة انسياب الماء في الأوعية الزجاجية العديدة صعودا وهبوطا لتعلن عن مولد ساعة جديدة ودقائق جدد وثوان دقيقة. ومما أضفى على الساعة جمالاً لون الماء المستخدم في الساعة حيث إنه عبارة عن سائل أزرق شفاف استوحي لونه من لون البحر الذي يشرف السوق عليه, وقد كلف تصميمها 250 ألف دولار, وصنعت هذه الساعة في فرنسا ورُكبت في الكويت في غضون شهر. وتنظف وتجرى عليها أعمال الصيانة بصورة مستمرة للحفاظ على رونقها. فهي واحدة من بين عدد محدود من الساعات المائية في العالم المعاصر تقف بفخر وكأنها تحية احترام من تعقيد التكنولوجيا إلى بساطة الماضي.

 


 

وفاء شهاب