ليس كل ما نتمناه?!
ليس كل ما نتمناه?!
رسوم: صلاح بيصار القطة التي يملكها صديقي (محسن), تتميز عن غيرها من القطط بحب تقليد صاحبها في القراءة, سواء الكتاب.. أو الجريدة, أو المجلة, فتلهو بالمطبوعات. تقلب صفحاتها, وتتفرج على الحروف, وتندهش للصور والرسوم. ودائما كانت تهتم بأحاديث صاحبها (محسن), وهو يتحدث إلى أصدقائه عن فائدة القراءة, مؤكدا أننا من خلالها نفهم حياة الشعوب وأحوال البلاد من حولنا, ونتعرف على ما حدث, وما سيحدث في العالم. ذات يوم, ترك (محسن) كتابه على المكتب. حاولت القطة تقليده, فأخذت تقلب أوراقه. وقع بصرها على أحد القرود المرسومة وهو يتأرجح على غصن شجرة, فجلست تتأمله مبهورة. جاء (محسن) وشاهد قطته, فقال لها وهو يداعبها ضاحكا: - إنه حيوان لطيف.. ولكنه شقي.. ويحب اللعب والهزار العنيف! فكرت القطة وهي شاردة.. ثم سألت نفسها: - ما المانع أن يكون القرد صديقي?! وعندما لم تعرف كيف تتحقق أمنيتها, حاولت استعمال أقلام صاحبها (محسن) الملونة في التخطيط لفكرتها التي لم تتضح, ولكنها في النهاية, وعلى ورقة من كراسة الرسم, رسمت قردا جميلا, وقامت بتلوينه. الغريب أن القرد الذي رسمته, كان يشبه الببغاء الملون.. أو البهلوان الملطخ بالألوان العشوائية على وجهه وفي ملابسه من أجل إضحاك الأولاد. اكتمل الرسم. ارتفع صوتها منغّما, رائقا, وكأنها كانت تغني, وهزت ذيلها وهي تقول لنفسها: - عظيم.. أصبحت الآن أملك قردا جميلا, ملونا.. ولكنه للأسف صديق على الورق فقط! جلست تتأمله, فاكتشفت أنها لو أضافت له شاربا, سيكون مميزا. أتمت رسم الشارب. ضحكت ضحكة طفولية شقية! قفزت على ترابيزة (طاولة - منضدة) السفرة تلفتت حولها. طرطأت (أطالت) أذنيها, ومرة ثانية, تمنت لو يصبح ما رسمته حقيقة!! لا أحد يعرف. هل كانت القطة تحلم.. أم تتخيل.. أم تتمنى?! مرت لحظات. تجمدت القطة في مكانها وهي ترى القرد يخرج من الورقة المرسومة! كانت القطة لا تزال شاردة. أما القرد المرسوم بالألوان, فإنه تنفس بعمق, وأحس أنه بحاجة إلى اللعب والمرح. بدأ يدور حول القطة بسرعة وهو يتأملها في سعادة, واقترب منها محاولا اللعب معها. أسرعت القطة في الجري. جرى خلفها, وأجبرها على الخروج إلى حديقة المنزل والصعود أعلى الشجرة التي كان يقف عليها ثلاثة قرود من معارفه وهو يقول لهم: أحضرت لكم صديقة لتلعب معنا. تعاملت القرود مع القطة كأنها كرة لها ذيل, فأخذوا يقذفونها لبعضهم, ولكن أحدهم اختل توازنه, فلم يستطع الإمساك بها, فسقطت على الأرض. على الأرض, اكتشفت القطة المأزق الذي وقعت فيه, وأنه في مثل هذه المواقف الخطرة, يُفضل الهرب أولا, ثم التفكير بعد ذلك, أطلقت ساقيها للريح وهي تتذكر جملة قالها والد محسن ذات يوم, وهي: (ليس كل ما نتمناه يسعدنا)!!
|