الاسلا حضارة

الاسلا حضارة

الفنون الإسلامية وصناعة الخزف

لا يعد الفن الإسلامي مجرد خطوط أو نقوش أو بنايات أبدعها الفنان المسلم وحسب, بل ينظر له باعتباره أثرا من الآثار التي تشهد على أن حضارة راقية قامت على هذه الأرض الإسلامية أو تلك, وأن إنسانا مبدعا حفر بيديه ما خلد ذكراه, و الأهم من ذلك - عزيزي القارئ - أن الإسلام حث دائما على الإبداع و الفن والإحساس بالجمال.. و لعل في قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - إن الله جميل يحب الجمال ما يؤكد ذلك.

و يعتبر الخزف من أهم الصناعات والفنون الإسلامية التي تمتعت بشهرة واسعة في العصور الإسلامية, وانتشرت بشكل كبير في العالم مما أثرى الفنون المعمارية.

وأمام تزايد احتياجات الناس اليومية, سواء كانت هذه الاحتياجات للفقراء أو للأغنياء, و سواء كانت خاصة أم عامة, فقد صنع الفنان المسلم كل الأشكال التي يحتاج إليها الناس من صحون وكئوس وفناجين وأقداح وسلاطين وقوارير وأباريق وأوان تتفاوت في حجمها, لحفظ المياه والطعام, إلى بلاطات لكسوة الجدران وزخرفتها.

تاريخ الخزف

في عصر بني أمية (من عام 41 هجرية إلى عام 132 للهجرة) ظهرت أول المدارس الفنية في العصر الإسلامي كله, ومعها نشأ فن صناعة الخزف. وجاء ذلك نتيجة اتساع رقعة الدولة الإسلامية, بعد أن كثرت الفتوحات الإسلامية. وقد امتدت امبراطورية الإسلام على مساحات شاسعة من العالم آنذاك, واكتسبت الدولة الإسلامية من الشعوب الأخرى التي عايشتها بعض السمات الخاصة, التي تتعلق بالطعام والشراب والمعمار والملبس, وغيرها من مظاهر الحياة والحضارة مما جعلها تنتج فنا له خصوصية شديدة, بعد احتكاكها بالشعوب التي عايشتها, يجمع بين الصفات المحلية والخارجية. وهكذا كانت العناصر الزخرفية الخزفية في البدء مزيجا من كل العناصر الزخرفية في البلدان التي فتحتها. حيث ظهرت فيها رسوم النباتات والحيوانات, ومحاولات تمثيل الطبيعة, وغير ذلك مما تميزت به الفنون البيزنطية.

الطراز العباسي

هو ثاني الطرز الإسلامية, وينسب إلى الدولة العباسية (132 هجرية - 656 هجرية) التي قامت في العراق. وقد اتخذ الفن الإسلامي اتجاها جديدا متأثرا بالفن الساساني, الذي يعتبر أول مرحلة واضحة شكلت تاريخ الفن الإسلامي. ويمتاز الطراز العباسي بنوع خاص من الخزف له بريق معدني, يتميز بأنه يدهن أولا بدهان ابيض مائل للزرقة أو الاخضرار ثم يجفف بواسطة الحرق, ثم يرسم فوقه زخارف مطلية بطلاء به أوكسيدات معدنية, ثم يجفف مرة ثانية ببطء, فتتبخر الأكاسيد ويبقى الطلاء المعدني الذي يتخذ بريقا يشبه بريق المعادن, وهو في الأغلب ذهبي اللون أو اصفر مائل إلى الحمرة.

ويحمل هذا الابتكار الطابع الإسلامي البحت, حيث كانت تصنع منه الأواني ليتخذها الأغنياء بديلا عن أواني الذهب والفضة التي حرم الإسلام استعمالها لما تدل عليه من البذخ والترف والمخالفة لروح الدين الإسلامي التي تحد من الإسراف و الإسفاف لقوله تعالي : ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا الآية 29 من سورة الإسراء.

كما استخدم الجص بكثرة في تهيئة الزخارف, حتى أصبح من المواد ذات الصدارة في هذا الطراز الإسلامي . والتحف التي تنسب إلى هذا الطراز متأثرة إلى حد ما بالأساليب الفنية الأخرى.

 


 

هيثم خيري