الفنون الإسلامية وصناعة الخزف

من المغرب إلى تركيا

وانتشر الخزف في كل أنحاء الأراضي الإسلامية, وازدهر في الطراز المغربي استخدام الخزف ذي البريق المعدني في ملقا وغرناطة وبلنسية, واستخدمت في زخارفه الحيوانات والطيور والمناطق المختلفة الشكل والرسوم الهندسية والكتابات. أما الخزف التركي فقد امتاز بألوانه الجميلة وما فيه من رسوم دقيقة للزهور والنباتات. وصنع أول مرة في مدينة بورصة في القرن الثامن الهجري, ثم في كوتاهية في القرن التاسع الهجري, ثم في مدينة ( أزنيق ) بآسيا الصغرى في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين.

الخزف الفاطمي

أما الطراز الفاطمي - الذي شكل مرحلة مهمة من مراحل ازدهار الفن الإسلامي - فتميز بدقة التصوير والحركة .. تلك الدقة التي لم يحرزها الفنانون في مصر من قبلهم. كما انتشر رسم الإنسان والحيوان على التحف التي ترجع إلى ذلك العصر. ويمكن القول إن أهم النماذج في فن التصوير والنقوش تلك التي رسمت على الجص على جدران الحمَّامات الفاطمية بمصر القديمة. وللتحف الخزفية الفاطمية بريق أخاذ. حيث استخدم الفاطميون البللور الصخري في عمل كئوس وأباريق, وعلب وصحون, وفناجين وأطباق, وقطع شطرنج وأختام, وزجاجات متنوعة الأشكال, وكانت تزين بزخارف مقطوعة قوامها حيوانات أو طيور أو فروع نباتية مرسومة بدقة وانسجام.

متاحف الخزف الإسلامية

ونظرا لأهمية الفن الإسلامي على مر العصور, و بخاصة فن الخزف الإسلامي, فقد أنشأت البلدان العربية والإسلامية متاحف عديدة, منها ما يضم نماذج من التحف الخزفية الثمينة ذات الجمال الأخاذ, ومنها ما يضم تحفا حقيقية.

ومن المتاحف التي اهتمت بصناعة الخزف الإسلامي (متحف حماة) في مدينة (حماة) بالجمهورية العربية السورية. وقد افتتح لأول مرة في عام 1999, بعد جهد وعمل دام سنوات عديدة. ويضم هذا المتحف خمس قاعات رئيسية تم عرضها بروائع التحف التي تمثل تاريخ (حماة) منذ العصر الحجري القديم حتى العصر الإسلامي, وتم تزويده بوسائل الإيضاح والشرح باللغتين : العربية والإنجليزية . وفي إحدى هذه القاعات الخمسة تجد باقة كبيرة و جميلة من الخزف الإسلامي المتعدد الألوان مع مجموعة من الجرار والأواني الفخارية المملوكية ذات الطلاء البني.

أما متحف الشارقة الإسلامي بدولة الإمارات العربية المتحدة فيقع في بيت تراثي يصل عمره إلى مائتي عام, و كان يملكه أحد تجار اللؤلؤ, وكان منزله سكنا لعائلته ومجلسا لضيوفه. و قد أصبح الآن متحفا لعرض مجموعة من منتجات الفن الإسلامي عبر العصور من مختلف أقطار الدولة الإسلامية. ويضم هذا المتحف الأنواع المختلفة من الفخار المطلي بالمينا والخزف ذي البريق المعدني وتقليد البورسلين, وهذه القطع الفخارية و الخزفية تعود إلي فترات زمنية مختلفة تمتد من القرن الرابع وحتى القرن الثالث عشر الهجري.

وقد خصص متحف طارق السيد رجب بدولة الكويت قسما خاصا للخزف الإسلامي, وفي المتحف لوحة من السيراميك والكوبالت المزجج لبلاطة تحمل ثلاث كلمات (ليغفر الله لك) تعود للقرن الثالث عشر, ومصدرها إيران.

وافتتح في مصر مركز للخزف أقيم في منطقة الفخرانية التي اشتهرت بصناعات الفخار والخزف الشعبي في حي الفسطاط العتيق بالقاهرة. ويستقبل المركز مجموعات من شباب الخزافين تعمل كل منها بالمركز لمدة شهرين تحت إشراف أحد أساتذة فن الخزف بهدف الارتقاء بهذا الفن الإسلامي. وقد بدأ المركز بشكل بدائي عام 1958 عندما كلفت وزارة الثقافة المصرية الفنان سعيد الصدر المعروف بشيخ الخزافين المصريين بتدريب العائلات التي تمارس فنون الخزف في تلك المنطقة.