بيتنا الأرض

بيتنا الأرض

يحملون الشجر على خدودهم..!

اسمى أحمد بادويانج. عمرى اثنتا عشرة سنة من دولة ( ميانمار) التى كانت تدعى بورما. بلادى جميلة وغنية. يصفونها بأنها بلد الأرز والأنهار. لكنها أيضاً بلد الأحجار الكريمة وأشجار البخور. بها أكبر مناجم العالم للياقوت الأحمر. وبها الكثير من شجر الصندل الذى نصنع منه المسابح الثمينة والمنحوتات الخشبية الجميلة المعبرة. كما أننا نحمل شجر الصندل هذا على خدودنا وجباهنا!

كيف نحمل شجراً على خدودنا?

طبعاً تتعجبون. لكننى سأخبركم بالسر:

بلدى (ميانمار) تقع فى شرق آسيا. تحيط بها تايلاند ولاوس وكمبوديا وبها أكثر من خمسة ملايين مسلم من بين عدد سكانها الذين يقدرون باثنين وأربعين مليون نسمة.

بلدى مثل كل بلاد هذه المنطقة, مناخها حار ورطب. الشمس ساخنة والأمطار غزيرة وعندما تشتد حرارة الشمس فى فصل الصيف يتبخر الكثير من مياه الأنهار والبحيرات. تزداد الرطوبة فى الجو وتصير حرارة الشمس لا تطاق. تجعل الانسان يعرق كثيرا, وتعرض الجلد للالتهابات التى تأخذ شكل حبوب على الجبين والخدين تشوّه البشرة. ومع ذلك ترى وجوهنا دائما ناعمة. لماذا?.. هذا هو سر الأشجار. نعم الأشجار.. فعندما تبدأ حرارة الشمس فى الاشتداد مع نهاية فصل الربيع, تبدأ الأشجار عملها الحنون الذى يحمينا من قسوة الشمس.. تزدهر أشجار (الجاكاراندا) فاردة مظلات أغصانها الخضراء المرصعة بالأزهار البنفسجية الجميلة. نحتمى بظلالها من قسوة الشمس. ثم تكرر الشيء نفسه فى الصيف أشجار (البوانسيانا) ذات المظلات الخضراء الواسعة والتى تشبه تماما أشجار (الجاكاراندا) وإن كانت زهورها حمراء.

هكذا تحمينا مظلات الأشجار من وهج الشمس, لكن هناك ما هو أكثر من ذلك, فنحن نضع شجر الصندل على وجوهنا, على خدودنا وجباهنا حتى لا يلتهب الجلد من شدة العرق, أو يتقشر من لسع الشمس. والسر بسيط..

طبعاً نحن لا نزرع شجر الصندل فى وجوهنا. بل نأخذ من خشبه العاطر خلاصته ذات اللون الأبيض المصفر. نكثفها حتى تصير مثل (كريمات) الحماية من الشمس. لكن كريم خشب الصندل الذى نسميه (ثاناكا) أفضل, فهو من مادة طبيعية وطيب الرائحة. ندهن به خدودنا وجباهنا, فيحمى جلدنا من التهابات العرق, ويمنع وصول أشعة الشمس الضارة إلى الجلد فلا يحترق.

هل عرفتم الآن لماذا أظهر فى الصورة ملطخ الوجه, دون أن يكون ذلك مزعجا?

طبعاً عرفتم.

 


 

محمد المخزنجي