بيتنا الأرض

بيتنا الأرض

العالم في بيضة!

(الآن صار عندي عالم كامل في بيضة)

هذا هو السطر الذى توقفت عنده (مروة) في الرسالة التي جاءتها من ابن عمها ( ياسر) الذي يقيم مع والديه في أمريكا.

وفى ردها على رسالته كان واضحاً أن مروة مستغربة من حديث ابن عمها عن ذلك العالم في البيضة, هل كان يمزح? وإذا كان لا يمزح فكيف يكون العالم في بيضة ? وإذا كان ذلك حقيقيا فليثبت لها صدق كلامه بصورة أو شريط فيديو.

لم يمر شهر واحد حتى أرسل ياسر خطاباً جديداً وضح فيه أنه تلقى رسالة (مروة). وأدهشها هذه المرة أكثر بأن كتب لها:

- (لن أرسل لك أي صور أو شريط فيديو.. بل سأرسل لك ذلك العالم في بيضة.

تضايقت مروة من ياسر إذ تصورته يسخر منها, وقررت ألا ترد عليه, بل قررت أن تقاطعه ولا تكتب له أبداً أية رسالة حتى لو كتب لها مائة رسالة. لكنه بعد أسبوع واحد بعث إليها برسالة أكثر إدهاشا..

كانت الرسالة طرداً بريدياً به صندوق خشبي صغير بجوانبه فتحات مستديرة تدخل الضوء, وبداخله بيضة من زجاج نقي وبها ماء تسبح فيه ثلاثة من القريدس الأحمر شديدة الصغر وعشبة بحرية صغيرة تنمو في الماء وطرفها يطفو على السطح.

قال ياسر في رسالته لمروة: إن هذه البيضة محكمة الإغلاق نموذج لبيئة أرضية مصغّرة ففيها: مياة بحر, وحيوان هو القريدس, ونبات هو العشب البحرى. وهذه البيئة تضمن استمرار حياة العشبة والقريدس حتى خمس سنوات, وبمجرد تركها تتعرض للضوء 6ساعات كل يوم. وفقط !

وضعت مروة البيضة الزجاجية بحرص إلى جوار النافذة, وأخذت تتأملها في ضوء النهار, وهى تتساءل في تعجب: كيف تستمر فيها الحياة لخمس سنوات كاملة بمجرد تعريضها للضوء ودون أي تدخل من الإنسان?! ولأن السؤال ظل يحير مروة كثيرا, فقد أرسلت إلى مجلة العربي الصغير بسؤالها وها هي الإجابة:

أولاً هذه البيضة الزجاجية وما فيها طورتها وكالة الفضاء الأمريكية ( ناسا) لأغراض بحثية وكان رواد الفضاء يحملونها معهم في رحلاتهم خارج الغلاف الجوى لكوكبنا لمعرفة تأثيرات الفضاء على المكونات الحية التي تعيش في بيئة الأرض. والآن يجرى إنتاج هذه البيضة لأغراض تجارية فيتعلم منها التلاميذ كيف تتكامل حلقات النظام البيئي على كوكبنا. طول البيضة 13 سم وعرضها 10 سم واسمها التجاري (بيضة المحيط الحيوي), وثمنها حوالي 90 جنيها إسترلينيا ! فهي لاتزال غالية السعر.

وسر استمرار الحياة فيها هو سر استمرار الحياة على كوكبنا, فالأعشاب البحرية هي طحالب, أي نباتات بسيطة لا زهرية وبها يخضور يمتص الضوء ويحوله مع الماء إلى غذاء تنمو به الأعشاب وتنتج الأكسجين الذي يذوب بعضه في الماء ويطفو بعضه على السطح. وهكذا يجد القريدس غذاءه من فتات الطحالب ويتنفس باستخلاص الأكسجين الذائب في الماء. وتستمر دورة الحياة!

 


 

محمد المخزنجي