هيا بنا إلى مسرح العرائس

هيا بنا إلى مسرح العرائس

يزوره معكم: خالد سليمان

شاهدنا عشرات العرائس. منها الصغير وفيها الكبير. بعضها مصنوع في الوطن العربي, وبعضها الآخر مصنوع في كل دول العالم. ولا توجد دولة ليس لها عرائس تلبس أزياءها الوطنية المميزة, ولا يوجد بيت ليس به دمية أو عروس.

وستعجبون يا أصدقائي لو قلت لكم إن صناعة العرائس بدأت داخل أماكن العبادة في الحضارات القديمة قبل آلاف السنين. فقد كان القدماء يخصصون دمية لكل أسطورة أو حكاية من الأساطير أو الحكايات التي يقصونها, وبدلا من أن يمثل أدوار الخير أو الشر أشخاص عاديون, كانت العرائس هي البديل المناسب, لذا صنعت على هيئة الكائنات الحية, وتكررت القصص الخاصة بالعرائس وتطورت حتى أصبح لدينا اليوم مسرح للعرائس للتسلية نستطيع من خلال قصصه أن نتعرف على مواقف في حياتنا فنفهمها, ونكتشف معناها.

وكل أصدقائي الصغار لديهم عرائس في المنزل, يهدهدونها ويحكون لها حكايات قبل النوم, أو يجعلونها تمثل أدوارا كما لو كانت تعيش معنا. ولعل مسرح العرائس الذي نزوره اليوم يقدم لنا تجربة مهمة للتعرف خلف المشهد الخارجي على الحياة الحقيقية لهذه العرائس.

بداية أود أن أعدد لكم أنواع العرائس المستخدمة في المسرح: ومنها عرائس اليدين, حيث يقوم محرك العرائس بارتداء قفاز أبيض في يديه أمام ستار أسود ويقوم بعدة حركات تجعلك تصدق أن هاتين اليدين هما كائن حي بالفعل, وردة تتفتح أو حمامة تطير أو أرنب يلهو. وهكذا مع مهارة اللاعب وسهولة الصنع والثوب الطويل الذي يغطي ذراع محرك العرائس القفازية نستمتع بحركات عرائس اليدين. وتستطيع صديقي في المنزل باستخدام القفازات الشتوية الملونة, والتي ترسم عليها أحيانا صور مضحكة, أن تقدم مشهدا مسرحيا بنفسك.

وقد عرف العرب قديما نوعا آخر من العرائس نقلوه عن الصينيين هو مسرح عرائس خيال الظل, وسمي ذلك لأن الضوء يأتي خلف أشكال العرائس فيرسم صورها على شاشة بيضاء يراها المشاهدون. وتستطيع صديقي في المنزل أيضا أن تضع ستارا أبيض على باب مفتوح مضاء خلفه بمصباح قوي لتصنع الشاشة وأن تستخدم أشكالا من الورق المقوى أو تستعمل يديك لتقدم مشهدا مسرحيا بنفسك.

وقد تعودنا ونحن صغار أن ننتظر في الأعياد مقدم الأراجوز, وهو يشبه التمثال الصغير وله صورة فلاح وزوجته, أو رجل شرطة, أو أي شخصية مضحكة بسبب غضبها الزائد أو جهلها غير المحدود. ويقوم محرك الدمية باستخدام العصي لتحريك أجزاء هذه العرائس الأراجوزية, وربما أيضا لقيام معركة غير متكافئة.

لكن أحدث عرائس المسرح التقليدي هي العرائس التي يتم تحريكها بالخيوط, وتسمى عرائس (الماريونيت) وهي أقرب العرائس للحقيقة, وتحرك من أعلى المسرح بواسطة خيوط أو أسلاك قد يصل عددها إلى أربعين خيطا. وربما تكون شاهدت مسرحية (الليلة الكبيرة) التي كتبها الشاعر صلاح جاهين عن الصبي الذي يتوه وسط احتفال كبير. إنها نموذج لمسرح العرائس.

وفي المرة القادمة التي تزور فيها مسرح العرائس يا صديقي لا تنس أن تدخل خلف خشبة المسرح لترى العرائس وهي صامتة ساكنة, ولتراقب اللاعبين وهم يتدربون. ولتوجه التحية لهم, لأنهم يمضون ساعات وساعات في التدريب ليحصلوا منك على ابتسامة أو تصفيق, بينما هم مختبئون خلف أبطال المسرح: العرائس.