مرح وجدول الضرب

مرح وجدول الضرب

رسوم: هدى وصفي

سأخبركم حكاية لطيفة عن مرح التي لم تكن تحب المدرسة كثيرا, وكانت تعتقد أنها يمكن أن تستبدل بالدراسة شيئا آخر, وهو....

اسمعوا الحكاية.

وقفت مرح, وهي فتاة في السابعة, أمام والدها الذي أسند ظهره إلى السلم الحديدي المؤدي إلى سطح المنزل القروي, وراحت تفرك راحتيها بقوة وسرعة وتطقطق أصابعها: طقْ...طقْ...طقْ....

وحين جاءها صوته عاليا حازما:

- مرح!

نظرت إليه بارتباك, ثم أجابت بصوت متقطع:

- نَ...نَ....عمْ....

سألها عابسًا:

- ثلاثة في خمسة?

طقطقت أصابعها بسرعة أكبر, ثم رفعت إليه نظرات متسائلة:

- هذا جدول الخمسة?

ولما لم يجب إلا بنظرة غاضبة, ضربت الأرض بقدميها ثم أعلنت بصوت عال:

- لم نأخذ جدول الخمسة.

تنهد, ثم قال:

- هذا ليس جدول الخمسة, بل جدول الثلاثة.

رفعت رأسها بعد أن بلعت ريقها وقالت:

- آه...جدول الثلاثة...كم? .....كم?....

أعاد:

- ثلاثة في خمسة...

سرعان ما أخذت يديها إلى خلف ظهرها وراحت تحسب وتحسب, ثم قالت بفرح:

- خمسة عشرة...

ابتسم والدها ابتسامة صفراء, وسألها:

- أخبريني...ماذا ستصبحين في المستقبل إن كنت عاجزة عن حفظ جدول ضرب الثلاثة?? هيه??

ردت على الفور:

- سأصبح عروسًا مثل جارتنا سلام...

ناداها بسبابته, فتقدمت منه تصغي إليه يقول:

- العروس لا تصير عروسا إلا بعد أن تحفظ جداول الضرب كلها...

نظرت إليه مقطبة, ولم تعرف بم تجيب, لكنه تابع وهو يمسك بكتفيها الصغيرتين:

- ألا تعرفين أن البائع رفض بيعها الثوب الأبيض لأنها لم تحفظ جدول ضرب السبعة بشكل جيد?

لم تكن مرح تعرف هذا بالطبع, لذا أجابت بدهشة:

- لا...لم أعرف...

قال والدها وهو يبتسم ابتسامة عريضة:

- اعرفي, إذن, أنها حفظته فباعها الثوب.

بدت علامات الخيبة على وجه مرح, وكادت أن تعلق, لكن والدها سألها من جديد:

- ألا تعرفين, أيضا, أن بائع العطر رفض بيعها زجاجة العطر لأنها لم تعرف جواب ستة في ثمانية?

تراجعت مرح إلى الوراء:

- لا...لم أعرف...

قال والدها:

- حفظت العروس كل جدول الثمانية حتى حصلت على العطر...حتى السيارة المزينة الجميلة رفض صاحبها أن يؤجرها إياها إلا بعد أن سمع لها جدول الخمسة...

تنهدت مرح:

- آه...حقا?

ابتسم:

- طبعًا....فلكي تصبحي عروسًا حلوة مثل جارتنا سلام, اذهبي واحفظي جدول ضرب الثلاثة بسرعة ودون استعمال أصابعك خلف ظهرك.

ابتسمت مرح, ورجعت خطوتين إلى الوراء, ثم استدارت وانطلقت كالسهم إلى غرفتها لتحمل دفتر الحساب, وتدرس جدول الثلاثة بسرعة ودون استعمال أصابعها وهي تفكر بالثوب الأبيض, وزجاجة العطر, والسيارة المزيّنة, وكل ما يلزم العروس, وما قد تحرم منه إن لم تحفظ جدول الضرب.

 


 

إيمان بقاعي