مغارة جعيتا أعجوبة الطبيعة اللبنانية

مغارة جعيتا أعجوبة الطبيعة اللبنانية

عاد رمزي من لبنان حيث أمضى إجازة قصيرة. فور عودته ركض أصدقاؤه لمصافحته وتهنئته بالسلامة.

كانوا يتشوّقون لمعرفة تفاصيل هذه الرحلة. وراحوا يسألون رمزي بلا توقّف: (ماذا فعلت? ماذا رأيت? أي أماكن زرت? هل تزلّجت على الثلج?).

أسكت رمزي رفاقه بحركة من يده وقال بكل اعتزاز: (حسناً لقد زرت أماكن جميلة كثيرة, كالجبال والغابات والبحر والأنهار والقلاع الأثرية, ولكن أهمّ من كلّ هذا أني رأيت معجزة).

وهنا صاح الرفاق بصوت واحد: (معجزة!).

وقبل أن يسألوا أي سؤال أخرج رمزي من محفظته مغلّفاً وقال:(في هذا المغلّف توجد معجزة, بل كنز).

راحوا يتوسّلون إلى رمزي كي يريهم ما في المغلّف. ولكنه قال :(قبل أن تروا هذه الصور سأسألكم سؤالاً بسيطاً : ماذا يوجد في جوف الجبل يا ترى?).

قال أحدهم: ( تراب وصخور وديدان وحشرات...)

قال آخر: (بركان?)

قال ثالث: ( مياه جوفية , كهف...).

عندما سمع رمزي كلمة كهف قال: (لقد اقتربت من الإجابة التي أبحث عنها, ماذا نسمّي الكهف الكبير?)

قالت ريم: (مغارة).

وهنا قدّم رمزي الصورة الأولى لصديقته ريم. وعندما رأت ريم الصورة قالت: (ما أروع هذا! سبحان الله !!).

ثم تداول الجميع الصورة, وعبّروا عن انبهارهم بجمالها, ثم سألوا عن حكاية هذه المغارة العجيبة, فأخبرهم رمزي حكايتها.

من اكتشف هذه المغارة ومتى?

اكتشف رجل أميركي هذه المغارة عام 1836. اسمه تومسون وكان يستكشف المنطقة ويصطاد الطيور. عندما دخل حيوان في حفرة في الجبل تبعه, وهناك اكتشف مغارة مظلمة. وكي يعرف إن كانت كبيرة أو محدودة أطلق رصاصة ليسمع صداها, ويعرف إن كانت ستنطلق للداخل أم ستصطدم وتعود للخارج. أطلق الرصاصة فاخترقت المغارة وتردّد صداها في الداخل, فعرف تومسون أنه عثر على مغارة كبيرة تحتوي لغزاً طبيعياً. ومنذ ذلك الوقت تنبّه المسئولون إلى هذه المغارة, وعرفوا أنها معلم سياحي مهمّ سيقصده السياح من كل العالم, فبنوا فيها ممراً حجرياً وأدراجاً, وأناروها, وافتتحت المغارة أمام الزوّار عام 1958.

لماذا هي أعجوبة طبيعية?

اسمها (مغارة جعيتا) وتقع في قلب أحد الجبال في لبنان.

المعجزة تكمن في أن كل سنتيمتر يحتاج إلى مائة سنة كي يتكوّن. وهكذا كلما مرّت مائة سنة تكوّن سنتيمتر واحد من هذه الترسّبات. وهذا يعني أن عمر هذه المغارة هو ملايين السنوات.

ما سبب هذه المنحوتات الغريبة والنادرة?

تتساقط الثلوج فوق جبل جعيتا, فتترسّب المياه داخل الجبل وتختلط بالحجارة الكلسية. فتتقطّر المياه داخل المغارة وتترسّب فوق بعضها وتشكّل هذه الأشكال الجميلة التي تبدو كالتماثيل والتحف. ان منظرها يوحي أنها مصنوعة من الشمع ولكن في الحقيقة هي عبارة عن كلس متجمّد.

ما أقسام المغارة?

تتألّف مغارة جعيتا من قسمين: القسم العلوي والقسم السفلي.

القسم العلوي يحتوي على ممرّ حجري بنته الدولة اللبنانية كي يتمكّن الزوّار من المشي داخل المغارة ومشاهدتها عن كثب. يصعد الممرّ تدريجياً كي يصل إلى سقف المغارة. في هذا القسم كهوف ومنحدرات.

القسم السفلي مغمور بالمياه. أنه عبارة عن نبع ماء جوفية يخرج من المغارة ليرفد نهر(الكلب) الذي يصبّ في البحر المتوسّط. في القسم السفلي يتنقّل الزوّار بواسطة مركب ويتمتعون برؤية المياه الصافية.

 

الجزء المجهول من المغارة

قال رمزي لرفاقه إنه لم يستطع أن يرى كل المغارة , ولم يسمح له بالتوغّل أكثر, فسأله أصدقاؤه عن السبب.

السبب أن نسبة الأوكسيجين تنخفض كثيراً داخل المغارة, مما يعرّض حياة الإنسان للخطر والموت اختناقًا. لذلك اكتفى رمزي بهذا القدر وعاد أدراجه, وترك النصف الثاني من المعجزة وحيدًا ومعتمًا, لا عمل له إلا تكوين المنحوتات الكلسية والجليدية عامًا بعد عام, أو مائة عام بعد مائة عام.

 


 

بسمة الخطيب