رحلة اليوبيل الذهبي... 50 عاما على الخطوط الجوية الكويتية
رحلة اليوبيل الذهبي... 50 عاما على الخطوط الجوية الكويتية
حلق معنا في هذه الرحلة: براك رمضان الهندال لا يوجد شخص لا يعرف الطائر الأزرق, فطالما رأيناه وهو يحلق عبر الأجواء مسافرا من بلد لآخر, حاملا على متنه المسافرين. والطائر الأزرق هذا أعني به طائرات مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية, التي تحتفل هذه الأيام باليوبيل الذهبي, أي مرور 50 عاما على إنشائها. كنت أستمع إلى أستاذ الأنشطة الطلابية في مدرستي, يحدثني عن مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية, التي أخذت على عاتقها مسئولية كبيرة, إنشاء مؤسسة للطيران لا يكون هدفها الأساسي هو نقل المسافرين من بلد إلى بلد فقط, بل تجاوز ذلك إلى ما هو أسمى وهو دعم الأنشطة الطلابية وتقديم المساعدات للمنكوبين من مختلف دول العالم,هذا بالإضافة إلى مراعاتها لتحقيق أفضل درجات الراحة للمسافرين على متن طائراتها. حدثنا أستاذنا عن العالِم العربي عباس بن فرناس - رحمه الله - والذي حاول الطيران في الجو أكثر من مرة مستخدما جناحين مصنعين, ولكنه لم يحلق إلا للحظات معدودة ثم ما لبث أن سقط على الأرض. واليوم يمر قرن (أي مائة سنة) على أول رحلة طيران, كما تمر خمسون سنة على أول رحلة لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية. أصدقائي القراء الأعزاء لقد بدأت بالحديث عما قاله الأستاذ إبراهيم متناسيا ذكر اسمي, فأنا صديقكم طلال ولم أكن أعلم ماذا ينتظرني في مدرستي في هذا اليوم, فلقد استدعاني الأستاذ مع أصدقائي يوسف وحسين إلى مكتبه, وأخبرنا بأنه قد تم اختياري مع زميلي لنمثل مدرستنا في الرحلة التي تنظمها إدارة العلاقات العامة في المؤسسة بالتعاون مع وزارة التربية. كويت- بحرين- كويت وقد تم اختيار مملكة البحرين الشقيقة لتكون بلد الوجهة لرحلتنا, وبالفعل قام مدير المدرسة بالاتصال بأسرتي, وقد وافق والدي والفرحة تغمرهما كما هي تغمرني, وكذلك صديقاي يوسف وحسين فقد أخذا كذلك موافقة أولياء أمورهم للذهاب إلى البحرين, وبعد أقل من ساعة ذهبنا برفقة الأستاذ إبراهيم إلى مبنى مطار الكويت الدولي, والذي تم تجديده أخيرا, ليصبح مواكبا للحركة المتزايدة في الطيران. هناك, كان في استقبالنا الأستاذ سعود, مشرف العلاقات العامة من الخطوط الكويتية, بالإضافة إلى الطلبة الآخرين من مختلف مدارس الكويت الذين تم اختيارهم للرحلة, وفور تجمعنا بالقرب من البوابة رقم 17 - وهي بوابة المغادرة - بادرت السيد سعود بسؤال عن سبب هذه الرحلة, وسبب اختيارنا لها نحن بالذات, فأجاب قائلا إن إدارة المؤسسة ارتأت دعوة الطلبة المتميزين في مجال العلوم والأنشطة الطلابية المتميزين, ليكونوا على متن طائرتنا هذه, ليشجعوهم على التحصيل العلمي والابتكار والإبداع, أما عن توقيت هذه الرحلة فيعود لاحتفال المؤسسة بيوبيلها الذهبي, والتي لم تتوان للحظة عن دعم العلماء صغارا كانوا أم كبارا. رحلة رقم.... 613 صعدت مع الأصدقاء إلى متن الطائرة عبر البوابة 17 والتي من جميل الصدف أن يكون اسمها قاروه, فاسم قاروه هو اسم لجزيرة كويتية عزيزة علينا نحن الكويتيين, فهي أول جزيرة تم تحريرها بعد غزو بلدنا الغالي, وتحررت بفضل سواعد آبائنا وإخواننا الكويتيين من رجال الجيش وخفر السواحل, وبالفعل وعند صعودنا على متن الطائرة برفقة المشرف, استقبلنا طاقم الضيافة المكون من مضيفين ومضيفات من مختلف الجنسيات, وجميعهم قد استقبلونا بوجوه باشة. جلست في المقعد المخصص لي وبجانبي صديقي حسين, أما يوسف فقد جلس في المقعد الذي يلي مقعدي تماما بجانب الشباك, وبينما أنا وحسين نتحدث بنهم عن هذه التجربة الجديدة في حياتنا, ونستذكر كيف أننا قبل عدة أشهر قد ركبنا مثل هذه الطائرة متوجهين في وجهتين مختلفتين, فأنا قد رافقت أسرتي لتأدية فريضة الحج, فيما صديقي حسين قد ذهب إلى اليونان, وكيف كانت الرحلتان شائقتين, فيما عدا صديقنا يوسف الذي فضل عدم السفر إلى أي مكان بسبب ارتباط أخيه يعقوب بالفصل الدراسي الصيفي في الجامعة. عموما أعزائي وأثناء حديثي مع صديقي, وإذا بصوت يخرج لنا من سماعات الطائرة وإذ به يعرف عن نفسه ويقول إنه هو كابتن الطائرة ( الكابتن حمد ) ويرحب بنا على متن الطائرة في رحلتها رقم 613 المتوجة إلى مملكة البحرين, كما إنه قد طالبنا بربط أحزمة المقاعد كما شرح لنا المضيفون, وفيما كان صديقي يوسف منهمكا في مطالعة الطائرات عبر الشباك, وإذا بأحد المضيفين يطلب منه أن يرتدي حزام الأمان لأنه نسي أن يرتديه, وقد شرح له المضيف كيفية لبس الحزام كما طالبه بقراءة النشرة المعدة للسلامة في جيب كل مقعد على الطائرة, وما هي إلا هنيئة حتى سارت الطائرة على المدرج وقد أسرعت في حركتها. وفي لحظة واحدة شعرنا بصعود الطائرة في الجو وابتعدنا عن سطح الأرض, محلقين إلى مسافة قد تصل إلى ثلاثين ألف قدم عن سطح البحر, وبعد ما يقارب ثماني دقائق أطفأ ضوء ربط حزام الأمان, وليخرج لنا صوت كابتن الطائرة مرة أخرى وهو يتحدث عن المدة التي ستستغرقها الرحلة بين مدينتي الكويت والمنامة, حيث ستستغرق ما يقارب نصف الساعة وهو الزمن المتبقي من زمن الرحلة البالغ 45 دقيقة تقريبا, وعندها بدأ طقم الضيافة في توزيع وجبات الإفطار علينا, والذي قد سبقت وصوله إلينا رائحته الجميلة, وفي الوقت نفسه, رأينا مشرف العلاقات العامة الأستاذ سعود وقد أمسك بيده الميكرفون ليرد على الأسئلة, وقد بادرته بسؤال عن السبب في اختيار اللون الأزرق لطائرات الخطوط الجوية الكويتية فأجاب قائلا: إن اللون الأزرق يمثل السماء, كما يمثل لون الخليج العربي في الوقت ذاته, وكما هو معروف علاقة أهل الكويت بالسابق بالبحر, وكيف أنهم يعيشون من خيراته. وعن السبب في إنشاء المؤسسة أشار الى أن المؤسسة أنشأت في العام 1954 في السادس عشر من مارس, وذلك بفضل فكرة تقدم بها اثنان من رجال الأعمال هما السيد نصف اليوسف والسيد أحمد الخالد - يرحمهما الله - لإنشاء طيران محلي يكون بمثابة الناقل للأسرة, وبالفعل تم إنشاؤها بموافقة ودعم حكومة دولة الكويت, وتم تأسيسها برأس مال وقدره مليونا روبية آنذاك, وقد تم تدشين أول رحلة مابين الكويت والبصرة في السابع عشرة من مايو في العام (1954 ) على طائرة من طراز ديكوتا دي س3, والتي كانت تحمل اسم كاظمة, وبعد عدة سنوات تم شراء طائرات من طراز الترايدنت, ثم طائرات البوينج والإيرباص الحديثة. بلسم...... مشروع إنساني المضيفة دانة تحدثت قائلة: ستجدون مغلفا في جيب الكرسي وهو وسيلة لتحقيق مشروع بلسم الإنساني, وهو مشروع مشترك ما بين المؤسسة وجمعية الهلال الأحمر الكويتي,وتتمثل فكرة المغلف في جمع المتبقي من العملات المعدنية أو الورقية التي تزيد عن حاجة المسافر العائد لبلده, وذلك لتساهم هذه المبالغ البسيطة في رفع المعاناة عن البشر في جميع أنحاء العالم, من خلال عمليات الإنقاذ ومساعدة المنكوبين في كل مكان, وقد مضى على هذا المشروع المبارك بضع سنين, ونأمل أن يستمر في العمل لما فيه خدمة البشرية. وتختتم المضيفة كلامها موجهة إياه لنا أن هذا المشروع هو بلسم لكل الجروح في كل مكان, ووجدنا أيضا في جيب الطائرة مجلة البراق ذات الموضوعات الشائقة. الرجاء ربط أحزمة المقاعد بهذه الكلمات حدثنا الكابتن أحمد, مطالبا إيانا بملازمة مقاعدنا, وفعلا تم ذلك وماهي إلا لحظات وإذ بنا نحط في مطار البحرين في المحرق, ثم توقفت الطائرة تماما وفتحت الأبواب لنخرج من الطائرة, بعد أن تم ذكر أسمائنا تباعا لندخل مملكة البحرين وقد كان في استقبالنا موظفون من فرع المؤسسة في البحرين, بالإضافة إلى رجال الداخلية البحرينيين الذين قاموا بتسهيل دخولنا للبحرين بالبطاقة المدنية الشخصية, وقد استأجرت الخطوط الكويتية لنا باصا برفقة المشرف سعود وأساتذتنا للذهاب إلى سوق المحرق, حيث الحلوى البحرينية اللذيذة, وماي الزعفران والسمبوسك السكرية الطعم. وقد أهدانا المشرفون بعض علب الحلوى بعد انتهائنا من زيارة تلك المصانع. وبعد أن تناولنا القهوة البحرينية الممزوجة بالهيل لنرجع مرة أخرى, إلى المطار. وما هي إلا دقائق معدودة حتى استغرقت في النوم من أثر الرحلة وإذ بالأستاذ إبراهيم يوقظني من النوم ليخبرني أن الطائرة قد حطت على أرض الكويت, وأن السبب في نومي هو التعب أثر الرحلة الجميلة والطويلة, والتي لن أنساها أبدا. وكما لقيت الترحيب وأنا داخل للطائرة, كذلك لقيته بحرارة عند خروجي منها, وبعد دقائق التقيت بوالدي الذي وجدته في المطار بانتظاري من شدة شوقه لرؤيتي. وما أن صعدت معه في السيارة حتى بدأت أحكي له الرحلة التي لن تغيب عن ذاكرتي.
|