أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

يصادف هذا الشهر مرور عشرين عاما على مولد مشروع جميل لم يسمع عنه الكثيرون منكم, وهو على بساطته يدل على أن العطاء الإنساني يمكن أن يكون بلا حدود مادامت هناك نفوس خيرة تؤمن بما تفعل.

المشروع يعرف باسم (مطاعم المحبة) أنشأه الممثل كلوش - الذي كان واحدا من أشهر ممثلي الكوميديا في السينما الفرنسية - قبل أن يتوفى في حادث سيارة عام 1986 بعامين فقط, ولعلكم عرفتم من اسم المشروع طبيعة عمله, وهو تقديم الطعام مجانا لكل جائع ومشرد, فقد لاحظ كلوش أن هناك كثيرا من الأسر الفقيرة في بعض المدن الفرنسية لا تجد ثمن الغذاء بسبب البطالة وإغلاق المصانع التي كان عائلوها يعملون بها, في الوقت الذي كانت فيه دول المجموعة الأوربية تتخلص من فائض كبير من الأغذية المخزونة لديها حتى تحافظ على أسعارها في السوق, ومن خلال الإذاعة وجه كلوش نداء لجميع مؤسسات الغذاء في أوربا حتى لا تقوم بإتلاف هذا الغذاء ولكن ترسله إليه ليقوم بتوزيعه على المحتاجين, كانت هذه البداية, انتشرت دعوته, وبدأت التبرعات تصل إلى كلوش من القادرين, إضافة إلى العشرات من شباب الجامعات الذين تطوعوا لمساعدته, وتبنى الدعوة عدد من المشاهير على رأسهم الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران والممثل العربي عمر الشريف, وانتشرت مطاعم المحبة في كل مكان في فرنسا, في الكنائس والمدارس والمستشفيات والمباني العامة, تقدم وجبة مجانية من الطعام لكل غريب وجائع ومشرد بغض النظر عن دينه أو جنسيته, ومن الطريف أن هذه الدعوة قد انتقلت إلى عالمنا العربي في الفترة نفسها تقريبا, ففي أثناء الحرب الأهلية التي أثرت في العديد من الأسر افتتح أول مطعم للمحبة في بيروت يقدم الطعام المجاني لكل مشردي هذه الحرب, ومازال هذا المشروع مستمرا حتى الآن يقدم العون والغذاء لعشرات من المدارس التي تضم التلاميذ الفقراء, إن هذا المشروع هو درس بليغ في حب الخير والتعاطف الإنساني, وما أحوجنا إلى تطبيقه في كل مدينة عربية.

 


 

سليمان العسكري

 




صورة الغلاف