الطفلُ والقمرُ.. ترجمها : محمد إبراهيم مبروك

الطفلُ والقمرُ.. ترجمها : محمد إبراهيم مبروك
        

حكايةٌ شعبيةٌ من البرتغالِ

ترجمها عن الإسبانية: محمد إبراهيم مبروك
رسم : حلمي التوني

          مرةً كان هناك أبٌ وله ابنٌ... وكان هذا الابنُ قد اعتادَ من صغرهِ أن يصعد إلى أعلى الجبلِ يتطلع إلى القمرِ. وفي ليلةٍ من الليالي ذهب الأب معه إلى الجبلِ وسأله لماذا يحب التطلع إلى القمرِ. وأجاب الطفلُ:

          - لأن القمر يتكلم معي مرات كثيرة، ولقد قال لي إن أبي عندما أكبر سيرغب في أنْ يصبّ الماء على يدي، وإنني سأرفض.

          عادَ الأبُ إلى البيتِ، وحكى لزوجته ما قاله الابن له، فردت عليهِ:

          - ما أراهُ أن ابننا هذا يريد أن يقول إننا في المستقبل سوف نصير خدمًا له، ويخيّل لي أن الأفضل لنا أن نلقيهِ في البحرِ.

          مضى الأبُ وبحثَ عن صندوقٍ ووضعَ الطفلَ فيه ثم ألقاهُ في البحرِ.

          ظل الصندوق طافيًا على موجِ البحرِ حتى رسا على ساحل بعيد جدًا. ولما عثر صيادون عليهِ، اعتقدوا أنهم سيجدون في داخله كنزًا، فحملوه وذهبوا به إلى الملكِ. ولما أمر الملكُ بفتحِهِ ليرى ماذا في داخلِهِ، رأى طفلاً بالغ الجمالِ، ففرحَ وأعلنَ أمام الجميع أنه سيتكفّل به، وسوف يكون ابنه الذي اختارِه.

          وأمر الملكُ بتعليمِ الطفلِ نفس تعليمِ الأمراءِ، لأنه سيكون وليًا للعهدِ. وعندما بلغ الشابُ سن العشرينِ، أعطاهُ الملكُ أموالاً تكفي خروجه للتجوالِ مع حاشيةٍ كبيرةٍ من أقرانِهِ من أهل البيوتاتِ من ذوي الأخلاقِ المستقيمةِ والصرامةِ.

          وفي هذه الفترة نفسها من الزمنِ، كان أبُ الطفل وأمه قد انحدرت بهما الحال إلى حد الفقرِ، فرحلا تاركين بلدتهما سعيًا وراء كسب العيشِ، ورأيا أن يفتحا مضيفةً للمسافرينِ على الطريقِ في بلدةٍ أخرى. إلا أنهما كانا يتعذّبانِ دائمًا نتيجة إحساسهما بتأنيبِ الضميرِ لما فعلاه مع طفلهما.

          وفي رحلته، وصل الأمير إلى هذه البلدةِ، ونزل في مضيفة المسافرين هذه التي تحتل جانبًا من دار والده دون أن يعرفه. ولم يكد الأمير يصل إلى هناك مع حاشيته وينزل في المضيفة، حتى جاءهُ صاحبُها ليصبِّ الماءَ على يديّ الأمير ليغسلهما، إلا أن الأمير رفض ذلك، فارتجفَ الأب رجفةً شديدةً، ولاحظَ الأميرُ ما جرى فسألهُ:

          - لماذا أصابتك الرجفة الشديدة عندما رفضت أن تصب الماءَ على يدي؟

          وأجاب الأبُّ:

          - لأنني تذكرتُ في هذه اللحظة أنه كان لي ابن، ولو أنه مازال حيًا لكان في سنك، لكني ألقيت به في البحر وهو طفل، لأنه قال لي في يوم من الأيام، إنني سأصبّ الماء على يديه ليغتسل، وإنه سيرفض مني ذلك.

          الابن: لكن ماذا عليّ أن أفعل لترى نفسك مع ابنك؟

          الأب: لاشيء يا سيدي. فسموكم ابن الملك وأنا صاحب مضيفة فقير.

          ومضى الأمير ومعه حاشيته، وما أن وصل إلى القصرِ، حتى حكى للملك ما حدث، وبعد كثير من الأخذ والردِّ، سؤال من هنا وجواب من هناك، عرفا حق المعرفةِ أن الأميرَ هو ابنُ صاحب المضيفة.

          وعندئذٍ أرادَ الأب «صاحبُ المضيفة» أن يذهب ابنه ليعيش معه ومع أمه. لكن الملك أمر بأن يجيء الأبُ والأم ليعيشا معه في القصرِ، حتى إذا حانت ساعة وفاة الملك يحلُّ الأميرُ محلهُ ويكون مثله ملكًا.

 

 


 

أدولفو كويليو