بيتنا الأرض

بيتنا الأرض

عُرس الببغاء الأخير

عُرسٌ.. عُرسٌ حقيقيٌ مليء بأصوات الفرح وبهجة الألوان أُقيم وسط الغابة. فقد قررت مجموعة من أنصار البيئة والحفاظ على الحياة الفطرية أن تزوّج آخر ببغاء بري من ببغاوات (المقو).

لقد اكتشف علماء الطيور أن هذا النوع من ببغاوات ( المقو) التي تعيش في الغابات الأمريكية الاستوائية, ويسمى (سبيكس ماكاو), يوشك على الانقراض تماما, فلم يعد منه على قيد الحياة إلا ذكر واحد, وحيد, في احدى غابات البرازيل.

ذكر واحد, بلا أنثى, هذا يعني أنه لن يكون هناك بيض, ولا فقس, ولا ببغاوات جديدة من هذا النوع الجميل النادر!

فزع علماء الطيور, وانضم إليهم أنصار البيئة, وجرى البحث عن كل ببغاوات الـ (سبيكس ماكاو) الموجودة في أي مكان من العالم, ليس في الغابات التي لم يعد بها إلا هذا الذكر الوحيد, ولكن في البيوت وحدائق الحيوان.

منذ ألفين وخمسمائة عام والبشر يصطادون هذه الطيور الجميلة الناطقة طويلة العمر, يحبسونها في الاقفاص ليتسلوا بالكلمات التي تتعلم نطقها ويستمتعوا برؤية ألوانها الزاهية المدهشة. ولأن صيد الانسان لها بالجملة لم يتوقف, ولأنها لم تكن تتكاثر في حياة الأسر, اوشكت على الانقراض ولم يبق منها في الحياة البرية عام 1990 إلا هذا الذكر الوحيد.

بعد بحث جاد استمر لعدة شهور, استخدمت فيه كل وسائل الاتصال العالمية الحديثة, تم حصر ثلاثين ببغاء مدجّناً في الاقفاص لدى الاشخاص وفي حدائق الحيوان. واستطاع العلماء والمدافعون عن البيئة اختيار عدة إناث من هذه الطيور حملوها إلى الغابة التي يسكنها آخر ذكر حُر من ببغاوات الـ (سبيكس ماكاو).

كان فرحاً حقيقيا بطبول وصيحات ورقص. هدفه أن تخرج إناث الببغاوات المختارة من اقفاصها وتطير في سماء الغابة. لقد عاشت هذه الاناث حياتها داخل الأقفاص ونسيت الطيران الطليق والحرية سنين وسنين..

اشتعلت دقات الطبول أكثر, وعلت الصيحات, واشتد دبيب أقدام العلماء وأنصار البيئة على الأرض. واخيرا استجابت الببغاوات للخروج, وطرن.

طرن طيرانا ضعيفا, فكن يتوقفن متشبثات بأقرب غصن يسترحن عليه. لكن طبول وصيحات ودبيب اقدام الفرح لم تكف عن دفعهن لمعاودة الطيران, ليبتعدن ويبتعدن, ويصلن إلى حيث يعيش الذكر الوحيد الأخير الحر.. ليختار منهن واحدة, يتزوجها, ويكون بيض, وفقس, وأفراخ جديدة تمنع انقراض هذا الطائر النادر الجميل.

 


 

محمد المخزنجي