أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء

اتصل الطالب الجامعي بأمه في منتصف الليل وقال لها في صوت مخنوق: (ماذا أفعل يا أمي, أنا مصاب بزكام شديد, واعتقد أن حرارتي مرتفعة? قالت الأم: أكْثِر من شرب السوائل, وخذ حبتي دواء مخفض للحرارة , وارتح في فراشك).

ثم تذكرت الأم شيئا فأعادت الاتصال بابنها قائلة: (ولكنك طالب في السنة النهائية في كلية الطب ولابد أنك تعرف هذه الأشياء), قال الطالب: (طبعا أعرفها يا أمي, ولكني أحببت أن أسمعها منك أنت).

تذكرني هذه الطرفة بموقفنا جميعًا من أمهاتنا, ومدى الاحتياج إليهن, مهما كبرنا في العمر, ومهما اكتسبنا من خبرة, فلمسة الأم هي صمام الأمان لنا في هذا العالم, والأم ليست مستودع الطيبة والحنان فقط, ولكنها مصدر معرفتنا الأولى , فأول شيء نتعلمه وهي اللغة التي نتفاهم بها مع الآخرين نتلقاها من فمها, وأول أنواع الطعام التي نتذوقها تكون من صنع يدها, وأول الملابس التي نرتديها تكون وفق ذوقها, لذلك فليس غريبا أن يتشكل العالم من حولنا وفق نظرة الأم.

ويقول علماء النفس إن شخصية الإنسان تبدأ في التشكل في السنوات الخمس الأولى من حياته, لذلك فإن الآثار التي تتركها الأم في نفوسنا لا تزول أبدًا رغم مرور الزمن, ولا يقلل حديثي عن الأم من الدور الذي يقوم به الأب في حياة طفله, فهو الذي يدعم شخصيته, وهو القدوة التي يتبعها , وهو الدعم الذي يحتاج إليه, وإذا كانت الأم تعطي طفلها الحب والحنان, فإن الأب يعطيه القوة والعزيمة على مواجهة الحياة , وإذا كنت قد بدأت هذه الكلمات بطرفة عن الأم فسوف أختمها بطرفة يرويها أحد الآباء, يقول: (كنت أقرأ لابني قصة قبل أن ينام, وإذ لاحظت أن النعاس قد بدأ يغلبه, وأنه قد اغمض عينيه, وضعت الكتاب جانبا وهممت بالخروج, ولكني سمعت صوته وهو يقول: لا تتوقف عن القراءة يا أبي, فأذناي تسهران أكثر من عيني أحيانا)!

 


 

سليمان العسكري





صورة الغلاف