بيتنا الأرض
بيتنا الأرض
لماذا خاف العُقاب الخطاف? أمّا حكاية.. شاهدتها بعيني وأنا استكشف أحد براري إفريقيا. كنا في برج خشبي وسط الغابة, مخصص لمراقبة الطيور والحيوانات الطليقة, ومعنا مناظير مقربة تجعلنا نشاهد الطير دون أن نزعجها, وقال المرشد الخبير الذي يقود مجموعتنا: (أنظروا هناك, على أحد أفرع شجرة الباوبات العارية.. يوجد عقاب من نوع (النيفرون), ولا بد أنه لمح شيئًا يأكله, ربما يجعلكم تشاهدون شيئا مدهشًا جدًا). رأينا العقاب على فرع شجرة الباوبات التي تشبه زجاجة بجذع سميك وقمة رفيعة وأغصان قليلة شبه عارية من الأوراق. وكان العقاب أقرب إلى هيئة وحجم الصقر. وبعد أن مكث قليلاً على الشجرة طار وأخذ يحوّم فوق مكان قريب بين الأشجار. قال لنا المرشد أن نوجه مناظيرنا إلى الأرض التي يحوم حولها العقاب, ورأينا مجموعة من بيض النعام, كل منها في حجم كرة قدم, فكيف سيخطف العقاب واحدة ويطير بها, وهو ليس بضخامة العقبان المعتادة بل هو لا يزيد على حجم صقر عادي? سألنا المرشد فابتسم, وقال: (لن يحملها, فهي ثقيلة عليه, انتظروا وراقبوا) وبالفعل وجدنا العقاب يطير بعيدا ثم يحط على الأرض ويلتقط بين مخالبه حجرًا ويطير به. أخذ يحلق فوق بيضات النعام ويبدو أنه اختار بيضة بعينها, أسقط عليها الحجر فطارت قطعة من قشرتها. وأفهمنا المرشد أن العقاب سيحط قرب البيضة ويمد منقاره داخلها ليأكل ما بها. لكنه ما إن اقترب من البيضة حتى ارتبك, وتراجع مذعورًا. وقال المرشد: (تصرف غريب). وأخذ العقاب يطير مبتعدا ثم هبط باتجاه البيضة لكنه ما إن اقترب منها ثانية حتى أصابه الارتباك, وطار مبتعدًا في ذعر. تكررت محاولات العقاب للاقتراب من البيضة, وتكرر ابتعاده عنها, إلى أن طار بعيدًا بعيدًا ولم يكرر المحاولة, عندئذ طلب منا المرشد أن نهبط من برج المراقبة لنعاين على الطبيعة ونبحث عن سبب ذعر العقاب. اتجهنا نحو بيضة النعامة وملنا عليها فوجدنا فرخًا صغيرًا يطل فيها وينظر إلينا بعينيه المدورتين, اللامعتين, اللتين يبدو أنهما نظرتا في عين العقاب أيضًا, فأربكتاه, وجعلتاه يبتعد.
|