الإسلام حضارة

الإسلام حضارة

مآذن بيوت الله

تصوير: يوسف ناروز

تعرّفنا في العدد الماضي على تاريخ صناعة المآذن في الحضارة الإسلامية, ووظيفتها في إسماع الأذان بكل مكان.

وفي هذا العدد نتجوّل في بعض البلدان الإسلامية, لنقرأ تاريخ مآذن بيوت الله, ونشاهد تنوّعها الذي يرتبط بأشكال العمارة في كل بلد, وفي كل زمن.

مآذن الهند

أكثر ما تشتهر به المساجد في الهند هي المآذن والقباب, حيث تميزت المساجد المغولية باشتمال معظمها على أبراج في زوايا المسجد تستخدم للأذان, إلى جانب استخدامات أخرى كالمراقبة وتعليم الأطفال.

كما وجدت أنواع أخرى من المآذن ذات الطوابق الثلاثة المضلعة, التي تتكون من ثلاثة طوابق تفصل بينها شرفات ضيقة.

ومن أشهر مآذن الهند مئذنة قطب منار بدلهي, وهي ذات طراز فريد لا يوجد لها مثال في الهند, وتتكون من خمسة طوابق يفصل بينها شرفات مستديرة, وكل طابق يضيق قطره إلى أعلى. ويمتد على الطابقين الأول والثاني أشرطة عرضية من الكتابات القرآنية. وتعد هذه المئذنة التي بناها قطب الدين أيبك مؤسس دولة المماليك في الهند من أشهر مآذن العالم الإسلامي.

أما مسجد برطاق الكائن أيضا في الهند فله ست مآذن على جانبي المسجد بالرغم من صغر حجمه, وكل مئذنة تتكون من طابقين مضلعين.

مآذن دمشق

اختلفت أشكال المآذن في دمشق تبعا للعصور التي تنتمي إليها كل مئذنة, فالتي كانت على الطراز العباسي مثلا كانت تنتهي ببناء صغير يشبه الحربة المدببة, مثلها مثل طراز الكنائس, ومن أشهر مآذن دمشق تلك الكائنة بشارع أسد الدين شريكوه, التي شيدها يونس أغا بن عمر الدقوري سنة 1274هـ وفي نهاية الثمانينيات جدد الجزء العلوي من المئذنة بدءًا من الشرفة حتى أعلاها.

مساجد الجزائر

أهم ما يميز المآذن الجزائرية, وبخاصة مآذن تلمسان, شكلها التربيعي, ووحدة شكلها, بالرغم من اختلاف أمكانها من مسجد لآخر.

وفي شمال إفريقيا يطلق على المآذن اسم الصومعة, ويرجع تاريخ إنشاء الصومعة الثانية هناك إلى القرن 2هـ وهي مئذنة جامع الزيتونة بتونس, وذلك قبل إصلاحها في القرن التاسع عشر الميلادي.

وتشير الرسوم القديمة لهذه المئذنة إلى أن الطابق السفلي المربع كان خاليا من الزخارف, يعلوه طابق علوي قطاعه أصغر من السفلي, ويحتوي على أعمدة وتحيط به شرفة.

وفي مدينة سوسة تقع المنارة (وهي التسمية الثالثة للمآذن) في الركن الجنوبي الشرقي فوق مستوى يعلو عن سطح المسجد ويتوج هذه المنارة برج مربع الشكل لإعطاء الشارات الضوئية, إذ لم تقتصر وظيفة المآذن على أداء الأذان بأعلاها, وإنما كانت تستخدم أيضا ككتاتيب لتعليم الأطفال, كما استخدمت في إعطاء إشارات ضوئية في الليل وفي المراقبة أيضا.

مآذن القاهرة

أما القاهرة فقد نشطت فيها صناعة القطع التي تزين المآذن لاشتهار تلك المدينة على مر العصور بكثرة مساجدها, حتى أن هذه المدينة أطلق عليها مدينة الألف مئذنة, لذا فقد اهتم بالمآذن المهندسون والحرفيون منذ القدم, كما اشتهرت القاهرة بتنوع مآذنها ما بين عثمانية ومملوكية وفاطمية.. إلا أن مئذنة الجامع الأبيض الكائن بالحوش السلطاني في قلعة القاهرة لاتزال تحتل مكانة كبيرة بالنسبة للكثير من مآذن القاهرة, لانفصالها عن المسجد, فمئذنة هذا الجامع كانت ضخمة للغاية, بالرغم من صغر حجم المسجد نفسه, وتتكون هذه المئذنة من طابقين سفليين يعلوهما طابق ثالث عبارة عن أعمدة تحمل أعلاها قبة, ووضع باب المئذنة في حائطها القبلي بالجزء السفلي, ووضع أمامه درجة أو درجتان.

ولا تزال صناعة المآذن في القاهرة تلقى رواجا كبيرا, ففي أحد شوارع القاهرة بالقرب من منطقة الدرب الأحمر, تحديدا في منطقة تحت الربع, نجد صناعا يقومون بإخراج قطع فنية حقيقية تشكل رأس المئذنة, الذي يتكون من التفاحات والهلال أو الحربة, والنقوش القرآنية التي تزين أسفل المئذنة.

 


 

هيثم خيري

 




رؤوس مآذن شامخة, تنتظر دورها





طراز مملوكي - القلنسوة كثيرة الأضلاع والجسم كامل الاستدارة





الخط العربي, وحدة زخرفية في شرفة المنارة





مئذنة ذات ذروة صنوبرية من الطراز المملوكي





مآذن مسجد الأزهر تنتهي بذروة صنوبرية