العالم يتقدم

العالم يتقدم

رقاقة إلكترونية... تعيد الإبصار للمكفوفين

هل تتصور أنه يمكن إعادة الإبصار للكفيف, باستخدام رقاقة إلكترونية أبعادها ملليمترات عدة? إذ سوف تتوافر في غضون بضع سنوات رقاقة إلكترونية ضئيلة - تشبه تلك التي تستخدم في الكمبيوترات الشخصية - (تزرع) في شبكية العين التي تلفت بسبب الشيخوخة مثل تهتّك الشبكية أو ضمورها الوراثي.

وشبكية العين عبارة عن خلايا عصبية حسّاسة للضوء, فعندما يحدث انكسار الضوء في عدسة العين, يكوّن بؤرة على الشبكية فتتفتح للرؤية, وتحيل الشبكية الموجات الضوئية إلى تيارات كهربية ضعيفة, يحملها عصب العين إلى مركز الإبصار في المخ.

وسوف تحتوي رقاقة الإبصار الإلكترونية على نحو ألف (إلكترود). والإلكترود عبارة عن قطب كهربي دقيق, يعد موصلاً للتيار الكهربي. وتقوم هذه الإلكترودات الدقيقة بتحويل الضوء إلى نبضات كهربائية. ويتم نقل هذه النبضات إلى المخ, عن طريق أطراف الأعصاب المتصلة بالإلكترودات.

وهكذا تحل الرقاقة الإلكترونية محل الخلايا الحساسة للضوء, بشبكية العين التالفة. ويُلحق بالرقاقة الإلكترونية مكوّنات دقيقة كثيرة, داخل وخارج العين في الوقت نفسه. وتقوم كاميرا بالغة الضآلة مثبتة في نظارة يرتديها الكفيف, بالتقاط صور للمشاهد ثم معالجتها ونقلها إلى العين لاسلكيا على شكل إشارات كهربية.

وفي العين تتلقى الرقاقة الإلكترونية الإشارات وتستخرج منها البيانات, التي تثير بها الخلايا العصبية لشبكية العين, كما أنها تستخلص من الإشارات أيضا الطاقة اللازمة لتشغيلها, مما يغني عن الحاجة لأي أسلاك خارجية, أو جهاز لتوليد الطاقة.

ويأمل الباحثون في أن تكون صور المرئيات أمام الكفيف - عندما (تزرع) الرقاقة الإلكترونية في الشبكية - جيدة بما يكفي لقراءة كتاب بحروف كبيرة أو للتمييز بين الأشياء التي يستخدمها الإنسان في حياته اليومية. وكان المرضى الذين أجريت عليهم التجارب الأوليّة, يدركون وجود الأجسام الكبيرة المنفصلة كما يمكنهم وصف حركة جسم ما. ويعتقد العلماء بأنه في المستقبل القريب, سوف يتمكن الكفيف - الذي زُرعت له رقاقة الإبصار الإلكترونية - من أن يتحرك حول قطع الأثاث بالمنزل دون أن يصطدم بها.

كما أمكن له القيام بالأعمال المنزلية اليومية الضرورية, لكنه لن يستطيع قيادة السيارة, لأن المشاهد سوف تأتي إليه أبطأ من تتابعها الطبيعي, كما أنها ستبدو دائمًا صفراء اللون.

وسوف يتم صنع رقاقة الإبصار الإلكترونية, من مادة بلاستيكية ليّنة حتى لا تؤذي الخلايا الحسّاسة للعين, وأيضا لكن تتلاءم مع انحناء مؤخرة العين, حيث توجد الشبكية. وسوف تثبّت الرقاقة بأعلى الشبكية, بحيث تتلامس مباشرة مع أعصاب العين خلال مجموعة كبيرة من الإلكترودات المتجاورة.

وهناك مكوّن مهم لكي تنجح عملية (زرع) الرقاقة الإلكترونية, هي الخلايا العصبية للشبكية, التي يتم العمل على نموها خلف هذه الرقاقة, بحيث يمكن إثارتها بدرجة فاعلة. ولهذا يقوم الخبراء بتثبيت الخلايا العصبية للشبكية, في طبقة خلف أداة الإبصار الإلكترونية, لكي تكون في وضع أفضل للاستجابة للمؤثر (الضوء) الذي يصل إليها من الخلايا الحسّاسة الموجودة فوقها.

 


 

رءوف وصفي