الإسلام حضارة .. هيثم صبري

الإسلام حضارة .. هيثم صبري
        

الخزف الأندلسي

          في القرن الثامن الهجري، الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي، لم يبق في إسبانيا من  الحضارة الإسلامية إلا طائفة من الناس هم «الموريسكيون» أو المدجنون، وهم المسلمون الذين ظلوا في إسبانيا بعد خروج الإسلام منها وعودة المسيحية إليها.

          من بين هؤلاء المدجنين كان هناك فنانون حافظوا على الأساليب الفنية التي ميزت الحضارة الإسلامية في صناعات كثيرة ومنها صناعة وفنون الخزف. واحتفظ هؤلاء الفنانون بسر صنعتهم وواظبوا على إنتاج الكثير من الخزف البديع التصميم والتصوير، حتى خرج جميع المسلمين من إسبانيا في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، بسبب اضطهاد الحكام الجدد. 

          وقد ظهر على أيدي هؤلاء الفنانين المسلمين من صناع الحضارة الإسلامية في الأندلس، وهو اسم إسبانيا في عصورها الإسلامية، أنواع جديدة من الخزف سمي بالخزف الأندلسي. وقد ظهرت في مالقة (وتسمى مالاجا الآن) أنواع من الخزف له بريق معدني، وانتشر خارج الأندلس بعد تصديره إلى مصر.

          كانت الأواني الأندلسية المصنوعة بهذه الطريقة تزين بأجنحة طيور، وأوراق نباتات، وتويجات زهور، وأشكال حيوانات، وتطلى باللون المعدني فوق الطبقة البيضاء. وكان كثيرا ما يضاف اللون الأزرق إلى اللون الأبيض.

          وفي القرن الخامس عشر الميلادي انتقلت صناعة الخزف بالبريق المعدني من مالقة إلى فالنسيا، وقد بدأت الكتابات العربية تختفي على هذا النوع الجديد الذي صنعه المسلمون المدجنون، لأنهم حاولوا أن يعيش الفن الخزفي حتى بعد خروج الإسلام.

          أما كيف عرف الأندلسيون هذا الفن، فقد انتقل إلى هناك بواسطة فناني الدولة الفاطمية في مصر، ونشأ هذا الفن في غرناطة حتى انتقل إلى مالقة، التي ازدهر بها وتم تصديره إلى مدن الشمال ومصر. وقد نقل هذا الفن إلى مدينة فينيسيا (إيطاليا) حيث كانت إمبراطورية مستقلة وذلك منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وهو ينتج هناك منذ ذلك الحين حتى اليوم.

          والطبق الذي نراه يعد نموذجا للخزف الأندلسي بالبريق المعدني، وإطاره له شرائط زخرفية عريضة، وتنتشر النباتات في كل أركان الصحن الزخرفية، وهو إشارة إلى البيئة الزهرية الخصبة التي عاش فيها الفنان المسلم في الأندلس.

 


 

هيثم صبري