الغراب المتباهي

الغراب المتباهي
        

رسم: روني سعيد

          طارَ سربٌ من الإوزِ باتجاه أحدِ الشطآن حيث كان غرابٌ وحيدٌ يقفزُ ويطيرُ هنا وهناك.

          نظرَ الغرابُ إلى السربِ بازدراءٍ.

          «تنقصُكم اللياقةُ والخفةُ في الطيرانِ» قالَ للإوزِ: «كل ما تعرفون، هوَ الخفقان بأجنحتكم».

          أتستطيعونَ الانقلاب رأسًا على عقبٍ أثناء الطيرانِ؟

          «لا. فهذا يفوقُ قدراتكم».

          لنقمْ بمسابقةِ طيرانٍ، وسوفَ أريكم ما هوَ الطيران الحقيقي».

          أحدُ أفراد السربِ، وهوَ ذكرٌ شابٌ قويٌّ، قرر الدخول بالتحدي.

          عند ذلكَ طارَ الغرابُ عاليًا وبدأ بإظهار حذقهِ ودُربته في الطيرانِ.

          قامَ بحركاتٍ دائريةٍ، انقضّ نازلاً كالسهمِ.

          وأنجزَ العديدَ من الحركاتِ البهلوانيةِ في الهواءِ.

          بعدهَا انخفضَ ناعقًا بتفاخرٍ واضحٍ.

          الآن جاءَ دورُ طائرِ الإوزِ.

          أطلقَ نفسهُ في الهواءِ وجعلَ يطيرُ فوقَ البحرِ.

          تبعهُ الغرابُ، وشرعَ يستهزئ منتقدًا طريقته في الطيرانِ.

          وهكذَا وعلى نفسِ الحالِ جعلا يطيرانِ حتى غابتْ اليابسةُ عن ناظريهما.

          وامتدت المياهُ اللامتناهيةُ من كلِّ الجهاتِ.

          أخذتْ انتقاداتُ الغرابِ تتضاءلُ شيئًا فشيئًا، إلى أن توقفت نهائيًا.

          فقد بدأ يتعبُ.

          في نهايةِ الأمرِ، أصبحَ منهكًا جدًا لدرجةِ أن الطيرانَ فوقَ الماءِ أصبحَ أمرًا مستحيلاً.

          كان عليهِ بذلُ مجهود أكبر كي يقي نفسه من الوقوعِ في الماءِ.

          طائرُ الإوزِ قال متظاهرًا بعدمِ ملاحظته لبلواه: «لماذا تلمسُ الماءَ باستمرار، يا أخي؟

          أهي مناورةُ أخرى في الطيرانِ؟»

          «لا!» نعقَ الغراب، «أنا في ورطةٍ! اللعنةُ على تفاخري!

          إذا لم تقترب وتساعدني سوفَ أغرق».

          رقّ قلب طائر الإوزِ عليه، فحمله على كتفيهِ.

          وطار به عائدًا إلى الشاطئِ.

 

 

 


 

نسيم الحاج