بيتنا الأرض.. د. محمد المخزنجي

بيتنا الأرض.. د. محمد المخزنجي

مكر الزهرة العملاقة

استيقظت السيدة في الصباح الباكر وهي تشعر بغثيان شديد، واكتشفت أن سبب الغثيان رائحة كريهة تأتي من جهة حديقة البيت الأمامية. استغربت لذلك، فهي تعتز بحديقتها التي تحرص على جمالها ونظافتها، بعد أن جلبت لها نباتات نادرة ذات زهور خلابة من كل أنحاء الدنيا.

أخذت السيدة تتعقب الرائحة وهي ممتعضة (غير مسرورة)، ووجدتها اشد ماتكون عند زهرة التيتان آروم أو «زهرة اللوف العملاقة» التي يحوم من حولها الذباب، بل كانت الرائحة تفوح من قلب الزهرة نفسها وكأنها تنبعث من فئران ميتة، لكنها بعد ان غالبت امتعاضها وأطلت داخل كاس الزهرة التي يصل ارتفاعها إلى متر ونصف، لم تجد أي فئران كانت الرائحة الكريهة تنبعث من نسيج الزهرة ذاته.

دامت الرائحة يومين كاملين، وكانت تنتشر في مساحة واسعة، حتى أن القادم يستطيع أن يشمها على بعد ميل كامل، وقررت السيدة أن تجتث هذه الزهرة من جذورها وترميها في صندوق القمامة، فاتصلت ببستاني خبير حتى يأتي بمقص عملاق ورفوش (أسنان) مناسبة لاقتلاع الزهرة.

فاجأها البستاني برفضه لاجتثاث الزهرة، وأكد لها أن الرائحة الكريهة ستختفي بعد وقت قصير، ويختفي معها الذباب، وهو ماحدث بالفعل، إذ استيقظت في اليوم الثالث ولم تكن هناك أي رائحة غير رائحة الحديقة النظيفة الندية.

عاودت السيدة الاتصال بالبستاني ليفسر لها ما حدث، فأخبرها أن هذه الزهرة تخرج براعمها كل سنتين، وحتى تخصب زهورها لابد من تبادل حبوب اللقاح مع مثيلاتها، ومن يقوم بهذه المهمة ليس إلا نوع معين من الذباب ذي البطون المشعّرة، لهذا تقوم بإطلاق هذه الرائحة الكريهة لجذب هذا الذباب ليأتي من بعيد ويقوم بمهمته.

راحت السيدة تدور حول زهرة اللوف العملاقة بعد ان تبددت الرائحة الكريهة تماما، ولم تعد هناك غير رائحة النباتات الطيبة، وكانت تفكر في الحيلة الغريبة لتكاثر هذه الزهرة، وتؤكد لنفسها أنها لن تفكر في قطعها عندما تعاود حيلتها.. بعد سنتين.

 


 

محمد المخزنجي