الإسلام حضارة.... هيثم صبري

الإسلام حضارة.... هيثم صبري

مع مخترع مسلم صغير

كنتُ أجلس مع أحد الأصدقاء الصغار في عائلتي، حين بادرني بسؤال أدهشني:

أنت يا عمي تذكر دائمًا في باب «الإسلام حضارة»، الذي تنشره شهريا في مجلة «العربي الصغير»، قصصا من الماضي عن تفوق العلماء المسلمين، ومهارة الحرفيين المسلمين، وخبرة المعماريين المسلمين. ولكن هل هذا يعني أن هذه القصص حدثت في الماضي فقط، وأننا لن نجد اليوم حضارة مزدهرة في البلدان الإسلامية مثلما حدث في الأمس؟

تعجبتُ من السؤال، ولكن لأن من حق السائل بأدب أن يجد جوابًا شافيا لكل الأسئلة، فقد قلت لصديقي صغير السن، كبير العقل:

أنا أذكر ما أنجزه المسلمون في الماضي، من مبانٍ وقصور، وطرق في البناء والحياة، وعلوم ومخطوطات، وفنون وغيرها، لأحثك على مجاراتهم، وأدفع أصدقاءك للعمل مثل الأجداد، بصبر وعزم.

إن المسلمين الأوائل كانوا روادًا في صناعات كثيرة، ومنها الصابون الذي يدخل في حياتنا اليومية فلا نستغني عنه في النظافة، وقد صنعوا منه الملون والمعطر والسائل والصلب والكلمة الاوربية Savon أصلها عربي هي صابون. كما تذكر بعض المراجع العلمية القديمة أنهم أول من صنع الورق، أو على الأقل صنعوا أنواعًا خاصة منه، فقد توصل جابر بن حيان إلى صنع أنواع من الورق يقاوم الحريق ويستعمل في تغليف المصاحف والكتب القيمة، كما ابتكر قماشًا يقاوم الماء. وتوصل عباس بن فرناس إلى تقليد البرق في القبة السماوية من اشتعال الماغنيسيوم ففتح الطريق أمام التصوير الليلي. كما توصل إلى تقليد الرعد فيها باستعمال البارود.

كذلك برع أجدادك في صناعة الزجاج وطوروا منه أنواعًا على درجة من النقاوة والجودة وقد ابتكر جابر بن حيان - أيضًا - طريقة إضافة ثاني اكسيد المنجنيز إلى الزجاج لإزالة اللونين الأخضر والأزرق اللذين يظهران في الزجاج العادي الرخيص ويعتبر عباس بن فرناس أول من صنع الزجاج البلوري (الكريستال!) بإضافة بعض أملاح المعادن إليه كالرصاص والذهب والفضة لإضفاء البريق عليه.

إن ابتكارات المسلمين كثيرة، وما ذكرت لك الآن بعضها إلا لأحثك صديقي على أن تكون في علمك مجدًا، وبتاريخك مزهوًا، وقد شاهدنا معًا في ديسمبر الماضي حفل استضافة مدينة الدوحة، عاصمة دولة قطر، لدورة الألعاب الآسيوية، ورأينا كيف كان الإسطرلاب ممهدًا للملاحين وأصحاب السفن أو صيادي السمك من العرب في الإبحار عبر الأمواج العالية ومعرفة طريق الملاحة بواسطة النجوم، إن النجاح الذي حدث في تنظيم هذه الألعاب في دولة إسلامية اليوم، يثبت أن حضارة المسلمين ليست في الأمس فقط وإنما في اليوم والمستقبل أيضا.

طالعني صديقكم بإصرار وقال:

أنا أفكر في اختراع مرآة زجاجية مثل الكرة تشاهد 360 درجة!

قلتُ له:

هيا ابدأ المذاكرة، وداوم على البحث، فربما كتبتُ عنك ذات يوم في «الإسلام حضارة»..

 


 

هيثم صبري

 




من صناعات الخزف





الاسطرلاب





الفخار