بيتنا الأرض... د. محمد المخزنجي

بيتنا الأرض... د. محمد المخزنجي

سر السمندل.. ساكن النار!!

كانت فرحة زاهي بسقوط الثلوج غامرة. ليس فقط لأنه يرى هطول الثلج لأول مرة في حياته. ولكن أيضا لأنه كان يحلم بفرصة تتيح له أن يرى ذلك الكائن المدهش الذي يسكن النار. السمندل!. لكم قرأ بشغف عن هذا الكائن الذي يسكن النار. التقاه لأول مرة على صفحات قصص «هاري بوتر» كمخلوق سحري فظن أنه مجرد خيال في هذه القصص الخيالية. لكنه عاد ليلتقي به في كتب علمية تؤكد وجوده بصور حقيقية ملونة.

السمندل أو السمندر.. مخلوقات تشبه السحالي وتختلف عنها بعدم وجود حراشف على جسمها. برمائية تعيش في الأجواء الرطبة الشمالية وليس لها أرجل خلفية. منها العملاقة التي تعيش في الصين واليابان ويبلغ طول الواحد منها مترا ونصف المتر. ومنها الصغيرة التي لاتتجاوز عدة سنتيمترات قليلة وتعيش في معظم الأجزاء الشمالية من العالم. ومنها شمال العالم العربي الذي رأى فيه زاهي تساقط الثلوج لأول مرة في حياته. وكان زاهي لايطمع في أكثر من رؤيتها وهي تعيش وسط النيران حتى لو كانت دقيقة بطول مليمترات قليلة.

شعر زاهي بتوتر مبهج وهو يعد المدفأة للاشتعال. أخذ ينقل بحماس شديد قطع الخشب المخزنة منذ الصيف في مستودع بالحديقة. وكان يتخيل السمندلات وهي تظهر وتتجول بين اللهب فيزيد حماسه في تغذية المدفأة بقطع الخشب. وأخيرا جاءت اللحظة المثيرة عندما اشتعلت النار وزاد توهجها. وما هي إلا لحظات حتى ظهرت الكائنات الصغيرة ذات الذيول الطويلة وكأنها ظلال بين ألسنة اللهب.

تصايح زاهي وهو يشير إلى الظلال التي كان يلمحها دون أن ينتبه إليها باقي أفراد العائلة المتحلقين حول المدفأة. وخشي أن يكون متوهما بتأثير ما قرأه عن السمندل. لكن والداه بعد أن دققا النظر استطاعا أن يريا الكائنات المتقافزة في قلب النار والتي سرعان ما اختفت صاعدة في اتجاه مدخنة المدفأة.

لم يستطع الجد رؤية ظلال السمندلات بين ألسنة اللهب لضعف بصره العجوز. لكنه عندما سمع حديث زاهي عنها راح يصحح له معلوماته من خلال خبرته الطويلة بالمنطقة التي قضى فيها سنين عمره الطويل. أكد أن هذه الكائنات لاتعيش في النيران كما يشيعون عنها. بل تعيش في شقوق قطع الخشب التي طال تراكمها في المخزن المظلم. وعندما تزداد عليها الحرارة مع اشتعال الخشب تخرج من شقوقه وتلوذ بالفرار.

نام زاهي متحيرا وفي الصباح الباكر أسرع إلى جده. كان يريده أن يثبت له أن السمندلات لاتعيش في النار. اصطحبه الجد إلى مخزن الخشب وأخرج قطعة بها شقوق واضحة. أحضر الجد عود عشب رفيعًا صلبًا وأدخله في شق عميق بقطعة الخشب. وما إن حرك العود في الشق حتى قفز سمندل صغير يفر هاربا. ونظر الجد إلى زاهي نظرة طويلة فجاوبه زاهي بهزة رأس مندهشة ومصدقة.

 


 

محمد المخزنجي