الإسلام حضارة... هيثم صبري

الإسلام حضارة... هيثم صبري

الفنون في خدمة العلوم

المنمنماتُ هي الصورُ الدقيقة، الصغيرة، التي يرسمُها الفنانُ ليوضحَ بها الكلامَ، ويزيِّنَ بها الكتبَ المهمة. والفنانُ المسلم هو الذي ابتكر هذا الفن وجعله في خدمة العلوم والآداب ومزج فيه بين الخط والصورة، أو بين الحروف العربية والرسوم الملونة.

ومثل الرسوم العلميةِ التوضيحية التي تبسِّطُ العلومَ في الكتب، أضاف المسلمون إلى كتبهم فنَّ الرسوم التوضيحية. وفي كتبِ الطبِّ الإسلامي وفي المخطوطاتِ القديمةِ نجدُ الكثيرَ من الرسوم للإنسان والحيوان والطير؛ وطرق العلاج، وكيفية صنع الدواء، والخطوات التي يتبعها الطبيب لعلاج الكسور والجروح. وبعض هذه المخطوطات كما يقول الدكتور بركات محمد مراد يعود إلى القرنين الثالث والرابع الهجريين، وهما عصرا ازدهار العلوم الإسلامية، مما يدل على أن المسلمين ـ بعد أن بعدوا عن عصر الجاهلية (قبل الإسلام) الذي عَبَدَ الكُفارُ فيه الأوثان (الأصنام)، أصبحوا يستفيدون من فنون النحت والتصوير لتطوير حضارتهم العلمية.

ومن أشهر المنمنمات القديمة، رسومات «الواسطي» لمقامات الحريري. والمقامة قصة مكتوبة تشبه الشعر، وتتضمن حكايات ورحلات، وأبطالها الكائنات والحيوانات. وقد برز بها استخدام الألوان الجميلة. ولم تكن المنمنمات تشرح القصص فقط، ولكنها وجدت في المخطوطاتِ الإسلامية للموضوعات الأدبية والعلمية.

واستخدم الفنانُ المسلم في المنمنمات طريقة التكرار ليعيد رسم الزخارف، كما استعان بطريقة التوازن، ومعناها وضع شكلين متقابلين حتى لا يكون الرسم مقابل الفراغ، الذي قد يزعج العين التي تقرأ وتشاهد الكتب والرسوم.

كما وضع الفنانُ المسلم كل مكونات الطبيعة في رسومِه، فوضع أوراقَ العنب، وفروع النخيل، والعناقيد، وثمار الزيتون وسنابل القمح وفصوصَ الفاكهة وأوراقَ الورد وأجزاءَ القرنفل وأشكالَ الصنَوبر وأغصانَ اللبلاب ودوار الشمس، والخطوط والدوائر المتشابكة والخطوط المنكسرة والجدائل (الضفائر) والخطوط المتعرجة، أو المنحنية.

 


 

هيثم صبري