بيتنا الأرض... د. محمد المخزنجي

بيتنا الأرض... د. محمد المخزنجي

في يوم البيئة العالمي
لؤلؤتنا الزرقاء في القائمة الحمراء

في بلدة «كلاند» السويسرية الجميلة بدا الجو شديد الحرارة مقارنة مع الوقت نفسه منذ سنين عديدة مضت. وكانت لجنة من أعضاء الاتحاد العالمي للحفاظ على البيئة مجتمعة لدراسة آخر ما انتهت إليه القائمة الحمراء، وهي القائمة التي تتضمن الأصناف الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض نتيجة تلوث البيئة والصيد الجائر ونهب الغطاء النباتي للأرض.

كان عدد الكائنات التي تضمنتها القائمة الحمراء قد وصل إلى 16 ألف صنف من النباتات والحيوانات التي توشك على الانقراض، وأهابت اللجنة بالبشرية لاتخاذ الإجراءات التي تحمي ماتبقى من هذه الأصناف لمنع انقراضها، فانقراضها يعني انقراض انواع أخرى من الأحياء ترتبط بها، وهذه تؤدي إلى انقراض مزيد ومزيد من الأنواع مما يهدد الحياة كلها على كوكب الأرض بما فيها حياة البشر أنفسهم. كانت اللجنة قد ضمت إلى القائمة الحمراء مخلوقات جديدة توشك على الانقراض، بينها غزال الجبال الفلسطيني، والدب القطبي الأبيض، وفرس النهر الأفريقي ، وأسماك الترويت في بحيرة مالاوي.

وبينما كان أعضاء اللجنة يتشاورون حول إمكانية إضافة أو حذف أي نوع من القائمة، رفع أكبر الأعضاء سنًا يده، وقال وهو يتصبب عرقا ويكاد يختنق من حرارة الجو غير المألوفة في بلدة سويسرية: «أقترح أن نضيف لؤلؤتنا الزرقاء إلى القائمة».

ضحك اعضاء اللجنة وهم يتساءلون: أي لؤلؤة زرقاء؟ وأجاب العالم العجوز: «وهل هناك غيرها.. إنها الأرض.. كوكبنا الأزرق الجميل مثل لؤلؤة ساحرة تتعلق في الفضاء.. فهي مهددة.. بل الحياة على ظهرها كلها مهددة بالانقراض». ابتلع أعضاء اللجنة ضحكاتهم وهم يحسون بجدية العالم العجوز الذي انطلق يكمل: «نعم كل الحياة على كوكب الأرض مهددة بالانقراض، فعوادم حرق الوقود الأحفوري من نفط وفحم والمتمثلة في غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان في الجو صارت الآن أعلى من أي مستوى وصلت إليه منذ 650 ألف سنة، ودرجة حرارة كوكبنا الآن هي الأعلى منذ 12 ألف سنة ومعظم الارتفاع في الحرارة تراكم في السنوات الثلاثين الأخيرة».

ساد الاجتماع صمت مقبض بينما كان العالم العجوز يتوقف ملتقطا أنفاسه، لكنه لم يلبث حتى عاد يكمل: «الوضع خطير بالفعل.. وإذا لم تتوقف البشرية عن تلويث الأرض بسبب الجشع في إحراق الوقود الأحفوري والقضاء على الغابات فإن تغيرات مناخية مخيفة سوف تحدث.. سيذوب جليد القارة القطبية المتجمدة وترتفع مياه البحار والمحيطات وتغرق مدن عظيمة كثيرة تقف على الشواطئ. وستموت آلاف المخلوقات في البحار والأنهار وعلى الأرض.. ستنقرض الأسماك وتتصحر الأراضي الزراعية وتتوحش ميكروبات جديدة تفتك بالحيوان والإنسان وما تبقى من نباتات». طال صمت العالم العجوز وبدا الوجوم على وجوه أعضاء اللجنة. وما إن تفوه أحدهم مرددًا: «نعم إن الوضع خطير» حتى انطلقوا يكررون: « خطير بالفعل. بل شديد الخطورة. في منتهى الخطورة». ووجدوا أنفسهم يجمعون على توجيه نداء إلى كبار عالمنا كان نصه: «أيها الكبار المسرفون في إحراق الطاقة.. أيها الأنانيون الباحثون عن الأرباح الفاحشة والترف القبيح.. أنتم تهددون الحياة على ظهر كوكبنا الأزرق الجميل.. وتنسون أن تهديد الحياة على الأرض يهدد حياتكم أنتم أنفسكم.

اليوم هو الخامس من يونيو يوم البيئة العالمي.. كفوا عن أنانيتكم وغروركم.. وتحملوا المسئولية».

 


 

محمد المخزنجي