مهرجان الفروسية في المغرب.. عبدالعزيز درادب

مهرجان الفروسية في المغرب.. عبدالعزيز درادب

اصطفت الخيل في خط مستقيم، وتقدم رئيس الفرقة يتفقد الفرسان ويحثهم على إنجاز الطلعة في تناسق وإتقان، ثم رفع بندقيته التقليدية إلى السماء وصاح: يا حافظ يا الله. فانطلقت الأحصنة تسابق الريح وقد خلفت وراءها سحابة من غبار كثيف. أخذت الخيل - وعليها فرسان أشداء - تسرع وتسرع يتقدمها «المقدم» (رئيس الفرقة) بحصانه المميز حتى إذا قطعت نصف مسافة الحلبة أصبح يُسمعُ لقوائمها وقعٌ رتيبٌ متسارعٌ يقطعه بين الفينة والأخرى صوت «المقدم» وهو يصيح طالبًا من فرسانه التزام الصف وإتقان الطلعة، وما هي إلا لحظات حتى رفع بندقيته التقليدية إلى السماء ثانية وصاح مصليًا على النبي صلى الله عليه وسلم فرفعت المجموعة بنادقها كما فعل رئيسهم واستعدوا لإنهاء الطلعة بنجاح. وما إن لمست قوائم الخيل خط الوصول حتى انطلقت طلقات مدوية من فوهات البنادق التقليدية المملوءة بالبارود في الفضاء في وقت واحد حتى حسبتها طلقة واحدة. فامتزج غبار الحلبة بدخان البنادق وسارع كل فارس إلى شد لجام حصانه بقوة ليتوقف بسرعة قبل أن يدوس الجموع المحتشدة أمامه والتي أخذت تصفق وتهتف بعبارات الاستحسان والإعجاب بينما انطلقت زغاريد النساء داخل الخيام المنصوبة أمام خط الوصول وعلى الجوانب، فاختلطت الأصوات والهتافات وكأنها سيمفونية معزوفة على إيقاع يتكرر مع كل «طلعة». استقر الغبار على الأرض وأخذ الفرسان في العودة إلى مكان الانطلاق ليأخذوا أماكنهم في الخلف في انتظار دورهم بعد أن تقوم كل قبيلة من القبائل الحاضرة في المهرجان بأداء طلعتها كالمعتاد.

هكذا يستمر الاحتفال في مهرجان الفروسية وهو تقليد دأب المغاربة على إحيائه في المناسبات الدينية والوطنية، بل أصبحت بعض الأقاليم تقيم له مهرجانًا سنويًا تتبارى فيه القبائل وتقدم فيه الجوائز للفائزين ويتم تقييم الفرق المشاركة وفق المعايير المعروفة كالتزام الفرسان بصف واحد متماسك من بداية «الطلعة» إلى نهايتها وكأداء فرقعة البنادق التقليدية عند خط الوصول في وقت واحد. كما لا تخلو مهرجانات الفروسية من حوادث بسيطة في الغالب كسقوط الفارس المبتدئ أو إصابة أحدهم برداد البارود لا تؤثر عادة في جو الاحتفال.. خاصة أن الحلبة يتم إعدادها قبل المهرجان بشكل جيد لتضمن السلامة للفرسان المشاركين. يختتم المهرجان وتقدم الجوائز ويودع الفرسان بعضهم بعضًا آملين أن يلتقوا في مهرجان قادم ليحيوا هذا التقليد المغربي الأصيل.

 


 

عبدالعزيز درادب